"نحن ديمقراطيون جدًا تبدأ مناقشاتنا بتبادل الآراء في السياسة والاقتصاد وتنتهي بتبادل الآراء في الأم والأب "جملة كتبها الراحل الساخر جلال عامر ليعبر بها عن مستوى الديمقراطية التي وصل إليها المصريون، ففي أعقاب ثورة 25 يناير وموجتها الثورية التي شهدتها البلاد في 30 يونيو، تسببت الخلافات السياسية في نهش العلاقات الاجتماعية، سواء على مستوى الأسرة أو الجيران، فبات الاختلاف في الرأي يفسد الود.
بالمجتمع المصري نماذج كثيرة تؤكد أن الخلاف السياسي دمر الكيان الاجتماعي نقدم منها جزءًا على سبيل المثال لا الحصر.
بشهر أكتوبر الماضي أمرت نيابة بندر كفر الدوار، بضبط وإحضار المتهم "صبحى.ج"، موظف بشركة مياه البحيرة، بتهمة الشروع في قتل زوجته نهال سيد محمد لمجرد سماعها أغنية "تسلم الأيادي".
ويروى شاب آخر أنه فسخ خطبته بسبب أن الفتاة التي كان مرتبطًا بها كانت تؤيد الإخوان المسلمين، وتخرج معهم في مسيراتهم، وتعلق في غرفة نومها صورة للرئيس المعزول محمد مرسي.
فيما روت شابة أخرى أن والدها تسبب في تطليقها من زوجها بسبب أن حماتها وأخت زوجها مؤيدتان للسيسي، بالرغم من أن زوجها يلتزم الحياد الأمر الذي يراه والدها بالسلبية.
للمواطنين بالشارع المصري رأيان مختلفان حول ذلك الأمر منهم من يرى أن علاقته بجاره أقوى من أي خلاف سياسي ومنهم من يرى أن اختلافه مع أحد أفراد أسرته أو جيرانه سبب كفيل لقطع علاقته به.
"لو ليا جار إخواني هولع في أمه، ولو ابني مش مؤيد للسيسي هتبرى منه" جملة رددها سامح محمود، أحد المواطنين، الذي أكد أنه يكره الإخوان المسلمين ولا يرغب في أن يكون له علاقة بأي شكل من الأشكال معهم.
فيما روت لنا أمل حسن، إحدى سكان الهرم، أن لها جيران إخوان ولكنهم يعزلون نفسهم عن باقي العمارة ويمنعون أطفالهم من اللعب مع صغارهم، ولكنها ترى أنه مع الصبر وعودة المحبة التي يفتقدها الشارع المصري ستعود العلاقات أقوى بكثير.
مصطفى أحمد، أحد المواطنين، يقول إنه لا يتناقش مع جاره في أمور السياسة حتى لا يخسره على المستوى الشخصي، قائلًا: "إحنا كمصريين فهمنا الثورة غلط وده اللي بيخلينا نخسر بعض بسبب السياسة".
أمل صابر، إحدى سكان الدقي، قالت إنها مؤيدة للسيسي وزوجها إخواني، وكثيرًا تختلف معه ويشتد الحوار بينهما، ومن الممكن أن يصل لخصام، لكنها لم تعد تناقش معه السياسة حتى لا تخسره.