يتحدث كثير من الناس عن العروبة ويا طالما تغني المطربون بالعروبة ويا طالما تناول الشعراء بالمديح هذه العروبة الزائفة في أبيات قصائدهم الشعرية , وللأسف ظلت هذه العروبة شعرا وكلاما تنتظر الفعل علي أرض الواقع حتي يومنا هذا ولن يأتي يوم في المستقبل القريب أو البعيد تتحقق فيه ولو أتي هذا اليوم في زمن ما لتحقق فيه أيضا وجود الغول والعنقاء والخل الوفي ...
.
العروبة قول كاذب يراد به صدقا .. ولكن من أين يأتي الصدق وأنا كرجل عربي عندما أريد زيارة بلد عربي آخر أحتاج إلي بروتوكولات أقسي من بروتوكولات صهيون ,إبتداء من ملء إستمارة ثم ميعاد ثم أسئلة "رايح فين وجاي منين وجاي لأيه ونازل فين وناوي تقعد أد أيه , ثم في النهاية يرفض طلبك أويقبل وتمنح تأشيرة الدخول علي ألا تتعدي مدة إقامتك شهرا بعد أن تدفع رسوما ياهظة ثمنا لهذه التأشيرة , ليس لبلد أجنبي ولكن لبلد عربي وأنت عربي لزيارة عربي قريب أو صديق , (سفارات وقنصلايات أمريكا تمنحك صلاحية فيزا ثلاثة شهور تسافر خلالها أو خمس سنوات تسافر عدة مرات خلالها , وتمنح في مطار الوصول 6 شهور إقامة ممكن تجديدها لستة أشهر أخري) ,
.
علي العموم نح هذا جانبا ودعني أقر أنني شببت في هذا الوطن العربي وامتلأت أذناي بسيمفونية العروبة وسيفونية وحدة ما يغلبها غلاب وأمجاد يا عرب أمجاد .. هل هذا الكلام الجميل وجد له صدي علي أرض الواقع؟ .. الإجابة طبعا "لا" وأخواتها مثل "إستحالة" و "إنعدام" و "ودونها خرط القتاد" والأخيرة مثل يضرب لاستحالة وقوع الشيء. والقتاد شجر له شَوْك مثل الإِبَر
.
العرب تجمعهم وحدة الدين واللغة والثقافة والعادات والتقاليد العربية , ورغم ذلك هي دول متنافرة متناحرة متنازعة متجزئة متقاتلة منقسمة وليس أدل علي ذلك من تقسيم السودان إلي دولتين شمالية وجنوبية وتقسيم كل من العراق وسوريا وليبيا والصومال بين جماعات وطوائف متعددة متحاربة تسعي إلي تقسيم المقسم وتجزئة المجزأ لإقامة خلافة إسلامية مزعومة لا وجود لها إلا في خيالاتهم وأحلامهم المريضة الشاذة , فأذمنة الخلافة ولت وقبرت واستقرت في قبرها بكل مآسيها وخزيانها عام 1924م.
.
أقول بكل تأكيد أن كلمة "الوحدة" لا تجدها الأن إلا في قواميس اللغة حتي هذه الكلمة لا تجد الآن من يتغني بها بعد ما صار من فتن وحروب بين العرب بعضهم البعض وليس أدل علي ذلك من تلك الهوجة التي أصابت بعض دول المنطقة وأطلقوا عليها ثورات وما هي إلا نكبات أرادها لهم أعدائهم الغربيون بزعامة الشيطان الأكبر أمريكا لصالح الشيطان المتجبر "إسرائيل" وهم للأسف عن ذلك غافلون عميان يتخبطون في كل واد يهيمون وليس دليل علي ذلك أقوي من هذه الحرب الضروس بين ما يسمي التحالف العربي بين السعودية الوهابية واليمن الشيعية الزيدية والتي دمر فيها البشر والحجر , ونفس الحال في هذا المجال دعم قطر والسعودية للإرهابيين في سوريا لأن الحكم هناك "علوي" وهو أحد أفرع الشيعة أيضا وهو ليس صراع سياسي بل هو صراع علي زعامة المذهب ومذهب الزعامة.
.
أما مصر فلأن الله حافظها لأنها في رباط إلي يوم الدين فلم يفلح الطامعون الإرهابيون من جماعة الإخوان الإرهابية , لم يفلحوا في تقسيمها وتجزئتها لإقامة دويلات يحكمها الطامعون وتجار الأديان الكاذبون رغم أنهم وصلوا لسدة الحكم في مصر لمدة سنة سوداء كأداء عجفاء , كان إبتلاء من المولي عز وجل كي يري الناس ويفرقوا بين
الخبيث والطيب فلما أدركوا الحقيقة وعلموا بها علم اليقين ثم رأونها عين اليقين هبوا
في 30 يونيه 2013 ليستعيدوا مصر من يد الطغاة بفضل الله وبفضل الشعب الذي أستعاد وعيه وبفضل خير أجناد الأرض.
.
إن دول أوربا الثماني والعشرين والمختلفة المذاهب الدينية والمتنوعة الثقافات والمتعددة اللغات والمتنوعة العملات والمترامية الأبعاد في القارة العجوز , هذه الدول أعطت المثل الرائع والقدوة الحسنة في توحدها تحت مظلة "الإتحاد الأوربي" وهو بكل تأكيد أروع وأعجب وأعظم إتحاد إذ هم وحدوا عملتهم وأزالوا الحدود فيما بينهم وألغوا التأشيرات لمواطني الإتحاد وصنعوا التأشيرة الموحدة للزائرين لأي من دول الإتحاد (تأشيرة شينجل).
.
مما تقدم أستطيع القول أن الإتحاد الأوربي هو "الأوروبة" إن جاز هذا التعبير وهو علي سجع "عروبة" بحق لا مراء فيه أما العروبة فهي وهم وخيال وحلم لا مراء فيه أيضا , وهذا الحلم يستعصي علي النائم أن يحلم به ولو مرة في العمر طالما ظل الوطن العربي مفككا متشتتا متنافرا متسلطا بعضه علي بعض حكامه أبديون ملتصقون بكراسي الحكم ناهبون لثروات أوطانهم مؤيدون ومباركون من أسيادهم في بلاد العم سام إذ هم يعتمدون عليه في حمايتهم بأسلحة يشترونها وقواعد يقيمونها وجيوش يستدعونها وتكنولوجيا يستوردونها وإعلام دولي محرض علي الصراع فيما بين العرب ليقتتلوا ويتجزؤوا ويضعفوا وتذهب ريحهم لصالح المدللة الفتية "ميس إسرائيل".