كتب / عبد المنعم عمر الخن
المتدين شيء والمؤمن شيء آخر .. التدين مظهر خارجي شكلا وقولا ولكنه ليس عملا أما المؤمن فهو ثقة بالله في القلب يجعله يأمن بوجود الله وملائكته ورسله وكذلك إيمانه بيوم القيامة وبالحساب وبالجنة والنار وإحترام التكليفات التي كلف الله بها الإنسان كالفروض من صلاة وصوم وذكاة وحج البيت وكذلك إلتزامه بالتعامل مع الآخرين علي مقتضي من هذا الإيمان الذي وقر في القلب وينبغي علي المسلم في هذا الصدد أن يضع نصب عينيه دائما أن الدين المعاملة وفي هذا الصدد ينبغي عليه أن البر بالوالدين فقد كرمهما الله بقوله ( قضي ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا ) جزء من آيه 23 من سورة الإسراء وكذلك قوله سبحانه ( وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا ) جزء من آية 83 من سورة البقرة وكذلك قوله عز من قائل ( وأعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ) جزء من آية 36 من سورة النساء وقوله سبحانه ( قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ) جزء من آية 151 من سورة الأنعام
المسلم المؤمن عليه إلي جانب بره بوالديه والإحسان لهما دائما عليه أيضا أن يصل ويحسن لذوي القربي واليتامي والمساكين وأن يتعامل مع الناس بخلق حسن كما في قوله تعالي ( وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا وذي القربي واليتامي والمساكين وقولوا للناس حسنا ) جزء من آية 83 من سورة البقرة. كذلك المؤمن الصادق هو من يتقي الله في جاره فيكرم جاره كما أمرنا سيدنا الني محمد صلي الله علية وآله .. كذلك ينبغي إكرام الضيف وعود المريض أي زيارة المريض كما يجب علي المسلم إذا عمل عملا أن يتقنه كما أمرنا سيدنا النبي محمد صلي الله عليه وسلم " إن الله يحب إن عمل أحدكم عملا أن يتقنه " وهذا من تمام الدين وحسن العبادة " العمل عبادة " وطبعا المسلم المؤمن لا يغش في كافة معاملاته ولا في أقواله " من غشنا فليس منا " أما الكذب فهو الإثم الفادح والذنب القبيح وهو آية المنافق لذا يتوجب علي المسلم المؤمن أن يتجنب الكذب بكافة أنواعه حتي لا يكون منافقا في الدرج الأسفل من النار وعليه أيضا أن لا يقرب مال اليتيم وأن يفي بالعهد ( ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتي يبلغ أشده وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئوولا ) آية 34 من سورة الإسراء.
نأتي الآن إلي المتدين .. المتدين هو من يتخذ من لباسه وعباراته الإسلامية مظهرا للتدين ولكن هو في حقيقة أمره غير مؤمن بالله وبملائكته ورسوله وإنما هو يتخذ من لباسه وبعض كلمات دينية مظهرا لصناعة الرجل التقي الورع حتي يثق فيه الناس ليبعد عنه الشكوك حول أعماله الإجرامية ومثال ذلك اللص الذي يسطو علي خزينة غيره ليسرق ما بها من أموال فيبدأ بالبسملة عندما يضع المفتاح المصطنع ليفتح الخزينة ليسرق ويقول بسم الله الرحمن الرحيم توكلنا علي الله .. يذكر هذا نفاقا وهو يأتي عملا حرمه رب العالمين .. وكذلك مثال المرأة العاهرة التي تدعو الله أن يسطرها وهي مقدمة علي الرذيلة وربما هي ترتدي الحجاب لدرء الشبهة عنها .. وهنا يحضرني المثل الفرنسي " اللباس لا يصنع الراهب ".. والأمثلة علي ذلك كثيرة كالموظف الذي يعود من الصلاة إلي مكتبه ويتلقي الرشاوي دون خوف من الله أو خشية وهو يعلم أن الراشي والمرتشي في النار وكمثل البائع الذي يؤدي الفروض ثم يغش في تجارته ويغالي في أسعاره الي حد الجشع الذي نهت عنه شريعتنا السمحاء بقول الحبيب المصطفي " رحم الله أمر إذا باع باع سمحا ,, وإذا إشتري إشتري سمحا "
وأخيرا أحب أن أوجه كلمة مخلصة للذين يدخنون السيجارة أو غيرها من أنواع الدخان أن هذا حرام حرام بإجماع الأراء .. فكيف للمدخن أن يعصي الله في أمر كهذا أتبيع دنياك وتغضب ربكم مقابل متعة زائلة هي سم زعاف يودي بك إلي الهلاك أستمع الي قول الله عز من قائل ( ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما ) جزء من آيه 29 من سورة النساء.
إن التدخين حرم بإجماع آراء علماء المسلمين لتطابق علة تحريم الخمر مع العلة الموجود في التدخين فكلاهما مهلك بل التدخين أشد فتك وهلاكا ليس للمدخن فحسب بل لغيرة المحيطين به أثناء تتطاير دخانه من فمه وأنفه .. إن المدخن كالمنافق يعلم بضرر الدخان وحرمانيته ويقدم عليه بكل شراهة ثم يذهب الي المسجد ليصلي ورائحة دخانه تبعث من فمه ولباسة ويديه .. إن المدخن يرتكب عدة آثام مركبة فهو لا يراعي النظافة والنظافة من الإيمان ثم يحرق ماله وهذا تبذير والمبذرين أخوان الشياطين ثم هو يضر بنفسه وبغيره وشريعتنا قائمة علي ألا ضرر ولا ضرار .. وفي النهاية أقول أن مقاصد الشريعة هي الخير والإستحسان فكل عمل لا ينطوي علي الخير فهو خارج نطاق الشريعة السمحاء ( أرجع إلي كتاب الموافقات في مقاصد الشريعة لأبي إسحق الشاطبي ).