لا ينبغي تصنيف المواطنين المصريين بمسلم أو مسيحي .. الدين أو العقيدة لله وحده أما الوطن فللجميع .. ومن أجل ذلك أري أنه من العيب علي مصريتنا أن نصنف المصريين علي أساس ديني ومن الأقوال الخاطئة والتي يكررها الناس في خطابهم عبارات مثل ( عنصري الأمة ) و ( المسلمون وأشقائهم المسيحيون ) و ( الوحدة الوطنيه بين المسلمين والمسيحيين ) و ( المسلمون والمسيحييون يد واحدة ) هذه العبارات الخاطئة ترسخ فكرة التصنيف الفجة والتي تشبه الإعلان المتكرر الفج لسلعة بائرة ..
لسنا في حاجة إلي هذه العبارات فالمصريون يشكلون الدولة المصرية منذ فجر التاريخ حتي كلمة قبطي هي كلمة تعني مصري أو من أتخذ مصر وطنا .. إن ساكني مصر الان وكما كانوا منذ عصور جسد واحد وروح واحدة ودم مصري واحد زكي يسري في عروق
المصريين جميعهم وهو الدم العاطر الذي سال علي أرض سينا في حروب مصر المتعاقبة مع العدو الصهيوني منذ 1948 .. لم تكن داء مسلم او مسيحي .. كانت دماء مصرية زكية .. وفي يوم 25 يناير 2011 لم يفرق القناصة بين من هو مسلم ومن هو مسيحي .. فاصاب الرصاص وأمات الشباب المصري دون ما تمييز أو تفريق..
إن ما يجري اليوم علي الساحة المصرية ومحاولة الوقيعة بين المصريين لهو عمل جبان يراد به هدم هذه الأمنة التي صمدت ضد كثير من الغزاة والطفاة عبر التاريخ والذين اندحروا جميعا وبقت مصر شامخة ..تمرض ولكنها لا تموت أبدا.
من هذا المنطلق لا ينبغي ترديد كلمات مثل مسلم ومسيحي وكنيسة ومسجد فكلها دور عبادة والأديان الثلاثة اليهودية والمسيحية والإسلام كلها ديانات من عند رب العالمين ونحن معشر المصريين ( لا أقول المسلميين ) أمرنا كتاب الله القرآن الكريم بالإعتراف بكافة الأديان السماوية وحل لنا طعام أهل كافة الأديان والزواج من الكتابية مع حسن معاشرتها .
بقت نقطة ينبغي التنويه عنها وهي خانة الديانة الموجود في الرقم القومي للمصريين أنني زرت أمريكا وعشت فيها قرابة عشرين سنة وملئت كثيرا من الطلبات كطلب الحصول علي الرقم القومي Social security
أو طلب رخصة قيادة Driver Licenseأو طلب الحصول علي جواز سفر Passport Application .. مثل هذه الطلبات لم أجد خانة للديانة مطلقا رغم تعدد الديانات هناك فلماذا إذن نصر نحن المصريين علي مل خانة الديانة التي ترسخ للطائفية بدعم من وزارة الداخلية المصرية ولا أعرف لماذا؟
إن التمييز بين المواطنين علي أساس ديني أمر واضح جلي فالمسيحيون في وطننا لا يتقلدون المناصب العليا إلا ذرا في العيون ويلاقون كل عسير عند بناء كنائس جديدة أو حتي ترميمها وغير ذلك كثير.. ولما كان لنا في رسول الله أسوة حسنة فإن الرسول محمد صلي الله عليه وآله قد أستقبل وفد نجران المسيحي وقبل هداياهم بل وأكثر من ذلك فعندما حان وقت صلاتهم أستأذنوا الرسول صلي الله عليه وآله أن يصلوا صلاتهم في مسجده فأذن لهم بذلك .. ولنقرأ وثيقة المدينة وهي أول دستور في الإسلام لدولة مدنيه إسلامية .. هذه الوثيقة نصت علي أن اليهود والنصاري والمسلمين لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات .. أفبعد ذلك نقول مسيحي ومسلم في وطن واحد .. لا والله وألف لا.
آن الأوان لمصر أن ترتقي في معاملاتها بين كافة مواطنيها المصريين جميعا دون ما تفرقة او تمييز فئة علي فئة والغاء كافة المحررات الكتابية التي تتضمن خانة الديانة وأدعو كل المصريين الغيوريين علي هذا البلد أن يدونوا في خانة الديانة كلمة مصري .. مصري .. مصري .. بتقدير وإعزاز .
كلمة أخيرة أود لفت نظر قارئء العزيز أن المصريين هم الشعب الوحيد الذي يتشابه في كل شيء في الملامح في سمرة الوجه .. في اللهجة في الصعيد واللهجة في الدلتا في العادات .. في التقاليد .. في الثقافة.. في الكرم والجود.. رغم شظف العيش .. في الأمل في غد أفضل .. لا أحد يستطيع التفرقة بين مصري وآخر كما يحدث في البلاد الأخري فمثلا في نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية تستطيع تمييز اليهود Jews بكل سهولة ويسر أما في مصر فكل المصريين نسخة واحدة .. حتي أن الأستاذ لويس جريس عندما رغب في الزواج من الفنانة الراحلة سناء جميل ما كان يعرف أنها مسيحية وعندما قالت له فالنتزوج قال لها كيف سنتزوج وأين ؟ .. فاجابت طبعا في الكنيسة .. أنت فاكر إيه؟ كان يعتقد أنها مسلمة .. تصوروا ..
الأستاذ لويس جريس علي قيد الحياة أمده الله بالصحة وطول العمر وهو ناشط سياسي لامع ويستيطيع أي مشكك في هذا الكلام أن يتصل به ويسأله .. علي العموم هذا أمر جلي واضح ولا يحتاج لكثير من الشرح.. أن أبناء مصر ( قطعية واحدة ) وعذرا لهذا الأسلوب ولكنه يأتي في محله تماما .
حمي الله مصر وصان أهل مصر وأكرم أهل مصر وأسبغ علي أهل مصر المزيد من العزة والكرامة.. فأهل مصر أعزاء كرماء بذواتهم ويكفي أن الله ذكر مصر في أكثر من موضع في كتابه العزيز {وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّءَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُواْ بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ } يونس87 ويكفي فخرا لمصر أن رسل الأديان أتوا جميعا أو مروا علي مصرالمحروسة بآيات الذكر الحكيم .