أكد اللواء رأفت الحجيري الحارس الشخصي للرئيس الأسبق حسني مبارك أن أحمد عز أمين التنظيم في الحزب الوطني المنحل هو السبب الرئيسي في اشتعال ثورة يناير 2011، وشعلة الكبريت التي أحرقت الوطن، وأوضح في حوار لـ «الوفد» ان مبارك تعرض لـ 5 أو 6 محاولات اغتيال، وكانت محاولة اغتياله في أديس أبابا في اثيوبيا احداها، وذكر أن حفيده محمد علاء كان المفضل اليه وكان مبارك يحبه كثيراً وقد قضت وفاة محمد علي الرئيس تماما، وأوضح ان مبارك كان يعشق رياضة الاسكواش، وكان يغرم كل من يخسر مباراة اسكواش معه 300 جنيه لشراء سندويتشات للحرس والمرافقين ونبه الي ان كمال الشاذلي البرلماني العتيد كان يعرف كيف يأخذ الناس علي حجرة ولم يكن يرتكب افعال أحمد عز الصبيانية، وقال ان مبارك رفض الافصاح عن أسماء ضباط الحراسة عقب حادث أديس أبابا خوفا علي حياتهم.
< من هو اللواء رأفت الحجيري؟
- أنا ضابط بالقوات المسلحة المصرية خريج الكلية الحربية في 1/7/1984، التحقت بالعمل في قوات الصاعقة، وتخرجت بتقدير جيد جدا، تم تعييني كتأمين لحراسة السد العالى بأسوان لمدة سنة، واشتركت في أحداث الأمن المركزي عام 86 ورشحنى قائد المنطقة الجنوبية للالتحاق بالحرس الجمهوري نظرا لتفوقى ولمهارتي القتالية.
وبعدها التحقت بفرقة مكافحة الارهاب وحراسة الشخصيات الهامة وهذه الوحدة مسئولة عن تأمين الشخصيات الهامة داخل مصر والزائرين والقصور الرئاسية ومدربة تدريبا عاليا جدا وعلي درجه كبيرة من المهارات القتالية والتنظيمية، وتم اختياري بعدها ضمن القوة الخاصة بتامين رئيس الجمهورية شخصيا، وللعلم اختيار ضباط الحراسات الخاصة امر مهم جدا ويخضع لعد من المعايير وتتم بطريقة صعبة جدا وعلي قدر كبير من الحذر.
واستمررت في خدمة الرئيس من عام 1991 الي عام 2008 ولكن بلغت مدة خدمتي له 23 سنة، وللعلم والأمانة هذا الرجل ظلم وانا واثق ان الله سينصفه ويشفيه ويعافيه وسيحصل علي البراءة .
< كيف بدأت العلاقة بينك وبين الرئيس الأسبق مبارك؟
ـ كما أكدت لك من قبل بعد دخولي وحدة مكافحة الإرهاب وحراسة الشخصيات الهامة، وبناء علي كفاءتي تم تعيينى ضمن الحراسة الخاصة بالرئيس وهذا المكان للأمانة لا تصلح فيه الواسطة نهائيا وإنما المعيار الكفاءة والرماية بالاضافة الي الدورات وسمعتك وانضباطك كلها عوامل ساعدتني في الوصول لهذا المكان الهام، لانك ستكون مسئول عن حماية أهم شخصية في مصر. والحراسة الرئاسية في مصر مقسمة لدوائر.. الدوائرة الأولي الضيقة جدا وهي الحراسة الخاصة بالرئيس وانا كنت بفضل الله ضمن هذا الدائرة وهي الملازمة للرئيس طوال الوقت حتى نومه.
والدائرة الثانية هي دائرة قوات الحرس الجمهوري والدائرة الثالثة هي دائرة الشرطة المدنية وقوات الجيش.
وعملت تحت قيادة اللواء حامد الشعراوي قائد الحراسة الشخصية للرئيس وهو الذي اصيب في محاولة اغتيال الرئيس في بورسعيد .
وأود أن أذكر أن عملي بالقرب من الرئيس جعلنى من اقرب الاشخاص اليه انا وباقي افراد الحراسة لاننا مسئولون مسئولية مباشرة عن حمايته.
مبارك والحراسة
< كيف كان يتعامل مبارك مع طاقم الحراسة الخاصة به؟
- الرئيس رجل عسكري وجاد جدا في العمل ويتعامل بحسم وحزم داخل واثناء العمل، لكنه اثناء الراحة أو ممارسة رياضة الاسكواش «لعبته المفضلة « تكون العلاقة كلها ود ومحبة، وكأننا أولاده، لأننا ببساطة نعيش معه أكثر مما نعيش في منازلنا، ويعلم عنا كل صغيرة وكبيرة ومع طول المدة اصبح الرئس أبا لنا جميعا وزوجته «سوزان» كذلك كانت اما لنا ولو استطعنا ان نفدي الرئيس بأرواحنا لفعلنا.
< ما هي علاقة سوزان وجمال وعلاء مبارك بحراسة الرئيس، وما حقيقة يثار عن التكبر والتعالي في تعاملهم مع الحراسة الخاصة بالرئيس؟
ـ كل هذا اشاعات وظلم علي للسيدة سوزان وابنيها لأنهم جميعهم كانوا يتعلمون معنا بكل ادب واحترام واذكر أن الاستاذ علاء مبارك كان كل اسبوع ينظم مباراة او مباراتين بين ضباط الحرس ونقوم باللعب جميعا بكل ود وحب ، ولم يصدر منه طول عمره أي تجاوز أو شتيمة لأي ضابط، كذلك كانت حرم الرئيس تتعامل بكل مودة مع الحراسة وليس بينها وبينهم اي شيء سوى كل خير وانا طوال فترة عملي داخل القصر لم أر منهم غير كل خير .
ومن ضمن المواقف التى اتذكرها اننى اضطررت للسفر الي الصعيد لوفاة والدتي وبعدما عدت بعد اسبوع او اكثر وجدت الرئيس يحضر لي ليعزيني في وفاة والدتي بالرغم من مهامه الثقيلة ومشغولياته .
والاستاذ علاء ايضا كان يطمئن كل سفرية علي ان ضباط الحرس اخذوا اكلهم معهم او تم توفير طعام لهم في المكان المسافرين اليه .
< من وجهة نظرك كيف كان يدار القصر من الداخل؟
ـ الرئيس منضبط جدا ووطنى جدا ولا يسمح لأحد بإهانة اي مواطن مصري، وكان يهتم بالغلابة وانظر إلي الأسعار أيام مبارك، والآن مع احترامى للجميع .
< ولكن ماذا عن القلة الفاسدة التى أساءت للجميع؟
ـ لقد تضررت مصر كثيراً والسياحة تدمرت وكان مبارك يبحث عن اي فرصة عمل للمصريين ، والفساد كان موجوداً ولكن الرئيس لايعلم الغيب، وكان لا يتهاون في الغلط حتى مع اقرب الناس له. وأتذكر قبيل الثورة انه قام بنقل السكرتير الخاصة له لوظيفة مدنية، لانه ارتكب خطأ بسيطا .
< ماهى تفاصيل حياة مبارك وكيف كان يقضي يومه داخل القصر ؟
ـ كان الرئيس مبارك معتاداً علي الاستيقاظ مبكراً في حوالي الساعة السادسة صباحا ويبدأ يومه بإمضاء البوسطة وهي القرارات الجمهورية وتقدمها له السكرتارية الرئاسية، ثم قراءة الصحف ، ثم الساعة السابعة صباحا يكون الافطار الخاص به علي السفرة، في الثامنة الا ربعاً يكون الرئيس ارتدي ملابسه وعلي استعداد للخروج الي الاتحادية ليمارس مهام عمله الساعة الثامنة او الثامنة وخمس دقائق يكون علي مكتبه داخل القصر الجمهوري بالاتحادية، يبدأ بعدها الدكتور زكريا عزمي رئيس الديوان في عرض مقابلات الرئيس وتبدأ الزيارات والمقابلات مع رجال الدولة والضيوف الزائرين من التاسعة حتى الثانية بعد الظهر.
وفي الساعة الثالثة الا ربعاً يرتدي الرئيس التريننج الرياضي وبصحبة الحراسة يتوجه الي المركز الرياضي للقوات الجوية لممارسة الرياضة.
يبدأها بلف التراك مرتين او ثلاث مرات ونحن حوله .
وبعد ذلك يبدا رياضة الاسكواش وهي الرياضة المفضلة لديه وكان يحضر هذه الماتشات بعض ابنائه من القوات المسلحة وبعض المقربين منه ويكونون منتقين علي اعلي درجة، والشرط الوحيد عدم التحدث في السياسة نهائيا اثناء الرياضة ولعب الاسكواش .
وكان للرئيس تقليد غريب حيث كان يوقع غرامه قدرها 300 جنية علي المغلوب في ماتشات الاسكواش ويقوم المغلوب بشراء ساندوتشات فول وطعمية ونقوم بتوزيعها علي الحراسة الخاصة والخدمات بالمركز الرياضي والمنشآت العسكرية القريبة منه .
ومن الممكن تغيير الغرامة لتكون برتقال وزبادي او اي شىء آخر يتم تقديمه للعساكر والرئيس نفسة كان يأكل من هذه السندوتشات .
وللعلم الرئيس مبارك الفول المصري وجبته المفضلة شرط ان يكون من غير سلطة .
< الي اي مدي كان اكل الرئيس يخضع للتامين ؟
ـ بالطبع اكل الرئيس يخضع لمعايير تأمينية محددة والاشخاص القائمون علي هذا العمل منتقون بدقة شديدة.
< هل خسر الرئيس مرة في الاسكواش واضطر لدفع الغرامة؟
ـ مرات كثيرة خسر الرئيس الماتشات وكان يكلف سكرتيره باحضار الغرامة وشراء السندوتشات واتذكر مره ان الرئيس كان يلاعب احمد برادة بطل الاسكواش وغلب برادة الرئيس وتفوق عليه وبعد انتهاء الماتش اعتذر برادة للرئيس ولكن الرئيس قال له «لو لم تفز كنت هازعل منك لأنك بطل مصر والعالم «
< نعود الي يوميات مبارك في القصر
- بعد انتهاء فترة الرياضة تستعد السيارات والحراسة للانطلاق للقصر في الخامسة الا خمس دقائق يدخل الرئيس القصر لتناول الغداء الذي هو موعد مقدس لأبعد الحدود وهو وعائلته كانوا حريصين علي تناول الغداء في الخامسة لا يتخلف احد منهم الا لعذر قهري. وبعد تناول الغداء وفي الساعة السابعة يبدأ الرئيس الأسبق مبارك في تلقى المكالمات ومن الداخل والخارج وهذا أنسب وقت لمحادثة الرئيس تليفونيا، ومن الممكن ان نستقبل حوالي 60 مكالمة يوميا تنتهي المكالمات في العشرة مساء ثم يتناول الرئيس الأسبق مبارك عشاء خفيفا جبنة وفول أو غيرهما ثم يذهب الي النوم في الساعة الحادية عشرة وهو معتاد للنوم بدرى جدا لا يزيد علي 11 و12 ليلا بأي حال من الأحوال .
وفاة حفيده
< قيل ان مبارك ترك الحكم وزهد في الدنيا بعد وفاة حفيده محمد علاء مبارك؟
- للحق الرئيس مبارك حتى وفاة حفيده كان حاضراً وكانت معنوياته مرتفعة. ولكن وفاة حفيده كانت الضربة القاضية التى قضت علي مبارك ونحن المقربين منه كنا نعلم جيدا ماذا كان يمثل محمد علاء للرئيس.
لقد كان بمثابة الروح التى تعطى المعنويات للجسد حتي يتحرك ويعيش و«محمد» كان طفلا جميلا جدا وملاكا من السماء، وكان يحضر كل ماتشات الاسكواش وكان صاحب نكتة وكان ابن موت فعلا.
وأتذكر المواقف المضحكة لمحمد عندما كنا خارج ملعب الاسكواش أثناء احد ماتشات الرئيس وقام محمد بتقليد كل الموجودين وضحكنا جميعا بصوت مرتفع، وخرج الرئيس علي صوت الضحك وعندما شاهد محمد يقلد الموجودين طلب منه الاستمرار وكان موقفا جميلا جدا.
لقد كان محمد محبوبا من الجميع ولكن وفاته أثرت علي الرئيس جدا وكان يحاول ان يتماسك، ومن الممكن ان نعتبر أن وفاة محمد من أصعب المراحل في حياة مبارك.
أحمد عز
< هل زهد مبارك الدنيا وترك الحكم لسوزان وجمال؟
- لم يحدث هذا مطلقا، ولكن الفاسدين في هذه المرحلة كثروا جدا وأعتقد أن السبب الرئيسي في الثورة وانهيار الحزب الوطنى هو احمد عز الذي كان سبب كل مشاكل هذا البلد، وكان شعلة الكبريت التى أحرقت البلد كلها عندما استوحش علي البرلمان واقصي كل التيارات بحيل وطرق غير مقبولة وغير مشروعة.
< فى الفترة الأخيرة لحكم مبارك تقرب له العديد من الشخصيات، ومن أبرزها أحمد عز، كيف أصبح «عز» رجلاً قوياً يتمتع بنفوذ قوى جدا؟
– هو تاجر حديد، وليس له في السياسة وترشح فى احدى الدوائر فى محافظة المنيا فى مجلس الشعب ونجح، وهو من الناس التى تبحث عن فرصة للوصول للسلطة الحاكمة، وهو معه الاموال ولكنه بحاجة الى السلطة، و كان لابد له من استغلاله.
وتقرب من زكريا عزمى ومن ثم قربه زكريا من الحزب الوطنى، وبطريقة ما تقرب إليهم حتى اصبح عضوا معهم فى امانة الحزب، وكان حينها كمال الشاذلى أمين التنظيم، فى هذه الفترة عام 2000، وكانت هناك جولات فى مقرات الحزب فى المحافظات، وجاءت الشكاوى من عدم وجود اثاث داخل المقرات، فجعلهم «يسحبون السجادة» من تحت كمال الشاذلى، فكان احمد عز هو المنقذ وتبرع بحوالى 11 مليون جنيه، لشراء موبيليا واثاث لبناء الحزب، ثم اصبح امين التنظيم، ثم قامت ثورة يناير بسبب أفعال أحمد عز، لقد كان «مسمار جحا» الذي قضى علي كل شىء.
وهو لا يقارن بكمال الشاذلي أقدم برلمانى في العالم والذي لم يكن ليقدم علي التصرفات الصبيانية لأحمد عز لانه كان بيعرف ازاي ياخد الناس علي حجره.
محاولة الاغتيال
< أرو لنا مشهد محاولة اغتيال مبارك فى أديس أبابا.. وكيف أنقذته؟
- هذا الحادث كان فى 26/6/1995، وعرض على الرئيس إرسال وزير الخارجية ولكنه رفض وأصر على حضور القمة الافريقية بنفسه، وهناك معلومات أمنية تأتى من قبل بعض الدول، حول مدى الحالة الأمنية للبلد الذي سيتوجهون اليها، ولكن تأمين الرئيس وحراسته لا تهاون بها، وتكون واحدة فى كل الدول. وطلبنا من اثيوبيا توفير مدرعة ضد الرصاص، ولكنهم قالوا إنهم دولة فقيرة لا يستطيعون توفيرها، فأحضر الحرس السيارة الخاصة بالرئيس، وسائقا مصريا لها.
وعقب الانتهاء من مراسم الترحيب بالرئيس، والدخول الى صالة الوصول، ركب الرئيس السيارة المدرعة، وكان هناك شد وجذب مع الحرس الاثيوبى، واتحركنا متأخرين دقيقتين، وفى الطريق فوجئنا ببيت صغير على الطريق وسيارة واقفة على بعد من هذا البيت، كان فيها من 60 إلي 70 «تى ان تى» مليانة متفجرات، وناس بيزقوها ووقفوها لسد الطريق أمام السيارات المتوجهة للبلد، كان أحد رجال الأمن الاثيوبى على بعد 4 أمتار من السيارة التى أغلقت الطريق، وعندما نزل لاستطلاع الأمر أطلقوا عليه الرصاص، فكان أول من قتل في الحادث، وتأكدنا بعد ذلك ان فى كمين، ونحن مدربون تماما على مثل هذه الكمائن، ثم وجدت واحداً من اليمين ماسك سلاح آلى بيضرب على عربية الرئيس، والمسافة بينى وبينه 15 مترا، ولحظة تغييره لخزنة الرصاص، أطلقت عليه من 30 إلي 40 طلقة، وأخذ يترنح من اطلاق النار عليه، ثم قام 3 من زملائي بضرب ناس جاية من الشمال، والرئيس لما لقى بيتضرب نار على العربية قال للسواق يرجع، وستر ربنا كان فى يوتيرن ورجع على المطار، وكان فى 15 ضابط حراسة للطيارة مازالوا فى المطار أمنوا دخوله صالة الوصول مرة أخرى، وبعد الاشتباك عادت القوات الى المطار ايضا للاطمئنان على الرئيس.
ويوم 29 أصدر مبارك قراراً بتكريم الـ7 ضباط اللى كانوا حواليه واتكرموا بوسام الشجاعة، وفضل محافظ علينا لحد آخر وقت، وفى ناس مازالت تصاحبه حتى الآن، ده أب لينا لا ننساه أبدا.
وقال مبارك فى مطار القاهرة عن الضباط الذين أنقذوه انهم أولاده، ولايمكن الافصاح عن اسمائهم، لحمايتهم، وبعد هذه الفترة استمر إرهاب التسعينيات، حتى ان موكب الرئيس تعرض لحوالى 5 أو 6 محاولات اغتيال، ولكن لم تنفذ منها سوى 2، ومرة كوبرى الفردوس كان ملغماً بالمتفجرات، ومرة قصر القبة كان محمد فؤاد قاسم أجر شقة فوقه وحاول اغتيال الرئيس.