الشركات والمشاريع الإستثمارية وشركات القطاع العام والجمعيات الإستهلاكية ومحلات القطاع الخاص حتي البائعين الجائلين يغالون في تسعير السلع المباعة دون مبرر سوي السعي الي الثراء السريع , وهم لا يألون جهدا في مزيد من الإرتفاعات في كل مناسبة وبالأخص خلال شهر رمضان المبارك دون ما حسيب او رقيب حتي ﻗﺎﻧون ﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﻣﺳﺗﮭﻟك رقم 67 لسنة 2006 لم يتطرق الي سعر السلعة وإنما انصب إهتمامه علي جودة السلعة فقط وهذا جيد وسنتكلم عنه حالا .
.
إستراتيجية السلعة وإستراتيجية التسعير :
فالمستورد المصري يجلب السلع الأقل جودة والصانع في المصانع المصرية لا يهتم بجودة المنتج وأقسام الرقابة علي الجودة داخل المصانع ودن من طين وودن من عجين , أما إستراتيجية التسعير في إدارات التسويق المختلفة فتتبني طريقة تسعير منتجاتها بطريقة ما يعرف باستراتيجية الكلب السعران وليس علي خلفية تكلفة المنتج كما هو متعارف عليه إقتصاديا وتتلخص هذه الطريقة بوضع سعر مرتفع جدا للسلعة عند نزولها السوق لتحقيق أكبر مكاسب او أرباح ممكنة , وهناك إستراتيجية قشط السوق وتعني تحقيق أكبر أرباح عند نزول السلعة للسوق , وهي في الحقيقة طريقة لقشط جيوب المستهلك المصري الغلبان المطحون , حتي
.
صارت حياته ظلاما في عز الظهر . وأني أعجب من شركات الحكومة التي رغم إرتفاع أسعار منتجاتها فهي تتدعي أنها تخسر , كيف ؟ لا أدري فشركة كشركة مصر للطيران مثلا أسعار تذاكرة الطيران بها من أعلي الأسعار إذا ما قورنت بباقي الشركات العاملة في نفس المجال كما أنها تعمل بكامل طاقتها ولا تجد كرسيا واجدا يمكن حجزه حجزا آنيا وينبغي عليك الإنتظار أكثر من ثلاثة شهور حتي تفوز بمقعد علي إحدي طائراتها
خصوصا في فصل الصيف ومع ذلك فهي تخسر كما يقول المسئولون عن إداراتها علي العموم هذه قصة أخري.
.
نعود الي عنوان موضوعي الرئيسي ألا وهو العلاقة بين المستهلك والتاجر علاقة سوداء .
.
السوق المصري .. سوق البائع والمستهلك مهمش :
نظرا لقلة المعروض من السلع والخدمات في السوق المصري وزيادة الطلب علي هذه السلع والخدمات بسبب الزيادة الرهيبة في السكان , فقد نشأ وضع غريب هو إمتلاك السوق من قبل البائعين فأصبح بحق هو مايطلق عليه إقتصاديا سوق البائع وفي سوق البائع هذا يصبح البائع هو الملك بدلا من الستهلك في سوق ما يعرف بسوق المستهلك وقد تحدثت كثيرا عن سوق المستهلك في مقالات سابقة , وكيف توجت الأنشطة التجارية في الخارج المستهلك ملكا وجعلته علي حق دائما , أما في سوق البائع وهو ما نحن بصدده فنجد أن البائع لا يهتم بجودة السلعة المباعة أو حسن تغليفها أو طريقة عرضها من منطلق أن كل ما يعرضه مباع كما أن المستهلك لا يهتم إلا بإيجاد السلعة في السوق وبأي جودة , كما أن البائع الملك كما ذكرنا ينفرد بتحديد السعر الذي يحقق له مزيد من الأرباح والمكاسب وكلما
وجد من يشتري فإنه يزيد السعر المرة تلو الأخري ولما لا والناس في حاجة الي هذه السلع؟ خصوصا سلع كالدواء وخدمات العلاج مثلا.
.
وهنا نستطيع القول أن مشكلة إرتفاع الأسعار في مصر ليست فقط بسبب قلة المعروض وزيادة الطلب وإنما هي أيضا قلة الضمير الإنساني وإنعدام الخوف من الله وزيادة شراهية التاجر بشكل عام سواء تاجر فرد أو شركة أو مؤسسة .
.
هل من علاج لمشكلة الإرتفاع الجنوني للأسعار في مصر ؟
نعم هناك عدة طرق لمعالجة هذه المشكلة ألخصها فيما يلي :
.
- قبل كل شيء الخوف من الله وإستيقاظ الضمير من رقدة العدم.
.
- زيادة الإنتاج السلعي والخدمي مع أعلي معدلات الجودة حتي يتوافق مع الطلب بل والعمل علي زيادته عن الطلب لإتاحة الفرصة لتصدير الفائض فتستفيد البلاد من العملات الصعبة .
.
- إعادة هيكلة الأجور والمعاشات الهزيلة التي تحصل عليها الغالبية العظمي من الشعب المصري لتتلائم مع إحتياجات ومتطلبات الناس خصوصا الفقراء والمعدمين منهم.
.
- تعظيم قانون حماية المستهلك وتفعيل دوره وقد أحسن صنعا من وضعوا هذا القانون بعدم وضع تسعير للسلع والخدمات لآن التسعير الجبري لا يحل المشكلة بل يزيد من تفاقم تلك للمشكلة , لذا ينبغي البحث عن حلول أخري.
.
ورغم صدور قانون حماية المستهلك رقم 67 لسنة ٢٠٠٦ وإنشاء جهاز حماية المستهلك فإنه مازال دون المستوي , والمنتجون والمصنعون والبائعون يتلاعبون ويتعسفون فيما يتعلق بالضمان السلعي وخدمة ما بعد البيع .
.
- ينبغي علي الإعلام في الدولة تدعيم مبدأ إحترام المستهلك والتركيز علي أهميته كطرف فعال في المعادلة التجارية في السوق المصري ومراجعة الإعلانات التجارية المنطوية علي غش وتدليس للإيقاع بالمستهلك.
.
ينبغي علي الأممة في المساجد في خطب الجمعة التقليل من الخطب الدينية التي صارت عباراتها محفوظة عن ظهر قلب ولا جديد فيها للمصلي من أجل ذلك يجب الإكثار من الخطب الحياتية فيما يتعلق بحياة الإنسان ومعاملته مع غيره بسلوك المسلم الإنسان والنهج القويم والحث علي الأمانة وجودة العمل والبعد عن غش الناس والإضرار بهم , وترغيب الناس في المكسب المعقول الحلال وعدم المغالاة رفقا بالفقراء والمحتاجين , وهذه كلها سلوكيات أكد عليها الإسلام الحنيف , وجعل من المعاملة الحسنة دينا , وكل هذا لا تذهب بعيدا عن مقاصد الشريعة الإسلامية. فالدين المعاملة.
.
- تدعيم الجمعيات الفئوية بشكل خاص والتي تشتري بأسعار معقولة وتبيع
بأسعار مقعولة لأعضائها وإنشاء جمعيات خاصة بموظفي الدولة بشكل عام , وقد كانت موجودة مثل هذه الجمعيات في الإسكندرية في منطقة محطة الرمل في الخمسينات والستينات.
.
- تدعيم وتعظيم دور جهاز حماية المستهلك وإعطائه دور رقابي فعال ومنح
مفتشيها صفة الضبطية القضائية في حالة إكتشاف سلعا معيبة أو غير صالحة للإستخدام الآدمي .
.
- تدعيم محلات البيع للمستهلك باسعار الجملة وهذا المحلات منتشرة في جميع أنحاء العالم ويشترك فيها المستهلكون بملء إستمارات ببياناتهم ثم منحهم بطاقات ذكية ترتب لهم خصومات حقيقية في كل مرة يتم فيها الشراء وذلك نظير إشتراك سنوي زهيد .