بحث داخل الموقع

ديسمبر 19، 2015

هنيئا بعيدك يا "ضاض" أو بيومك العالمي ... بقلم الكاتب عبد المنعم الخن


اليوم الجمعة 7 من ربيع الأول 1437 الموافق 18 من ديسمبر 2015 هو اليوم العالمي للغة العربية أو هو ذكرى اعتماد العربية بين الست لغات الرسمية في الأمم المتحدة. وقد أطلق العرب إسم "الضاض" علي لغتهم , ذلك لخلو أي لغة أخري من هذا الحرف الذي يميزها عن غيرها من اللغات.
.
لم يكن إعتماد اللغة العربية في الأمم المتحدة من فراغ فاللغة العرية شامخة مرفوعة الهامة لعدة أسباب أولها لأنها لغة القرآن الكريم { إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون} آية 2 من سورة يوسف , إلي جانب أهميتها القصوي لدى المسلمين، حيث لا تتم الصلاة إلا بها ولا يتم حج البيت إلا بحفظ بعض كلماتها علي الأقل , وثانيا لأنها لغة العرب الذين أجادوها وصاغوا منها شعرا ونثرا جميلا فاق كل شعر وكل نثر في أية لغة أخري , ثالثا لأنها لغة غنية ثرية تحتوي حسب معجم لسان العرب لابن منظور من القرن الثالث عشر علي أكثر من 80 ألف حذر، بينما في اللغة الإنجليزية حسب قاموس صموئيل جونسون تحتوي علي 42 ألف جذر فقط , والجذر هو الفعل الماضي الثلاثي المجرد وتنبثق منه كافة فروع التفعيلات , ومن أجل مزيد من الشرح , أسوق مثالا: هب أننا أتينا بجذر مثل "زرع" وهو فعل ماض مجرد يمكننا إستنباط منه العديد من الألفاظ وكل لفظ يشير إلي معني مختلف , فنجد أننا نستطيع إيجاد الإسم مثل زرع بتسكين الراء , وكذلك إسم الفاعل "زارع" وإسم المفعول به "المزروع" وإسم المكان "مزرعة" وإسم المرة أي مرة واحدة "زرعة" وأسماء كثيرة أخري مثل مزارعة ومزارع جمع مزرعة ويصلح إسم فاعل أيضا ومستزرع وزرّاعة بتشديد الراء إسم آلة للزرع وهكذا تجد اللغة العربية غنية بمفرداتها الأمر الذي تتيح للكاتب أو الشاعر اللعب بهذه المفرددات كما يلعب العازف علي أوتار آلته الموسيقية فيجيد ويؤثر في الإحساس والوجدان.
.
جاء استخدام اللغة العربية في الإنترنت (في الربع الثاني من عام 2015) في المركز الرابع من بين لغات العالم . حيث استخدمها نحو 156 مليون شخص خلال تلك الفترة , وهذا مؤشر علي أهمية اللغة العربية وعظمتها , ونحن أبناء العربية يتوجب علينا تكريمها وتعظيمها وإجلالها ولا يتأتي ذلك إلا بالقراءة ولا شيء غير القراءة , فهي تجوّد الكتابة حين تكتب وتحسن وتجمل اللسان حين تنطق وتزيد معارفك وتوسع مداركك وقتما ترغب وتريد أن تكون عالما أو إماما أو شاعرا أو خطيبا , هذا هو المفروض والواجب , فهل كل مفروض يحترم وكل واجب مستجاب؟ .. للأسف لا وألف لا , ذلك أن أحدا لا يقرأ ولا يفتح كتابا ولا حتي يصبر علي قراءة مقالة حتي نهايتها , إلا من كان يدرك قيمة القراءة التي أمرنا الله بإتيانها وتعظيمها بقوله في أول كلمة في قرآنه الكريم "أفرأ" ولم يقل سبحانه "اسلم" أو ":آمن" ذلك أن القراءة تعصم المرء من غياب العقل بفعل فاغل من المتشددين أو التكفريين , وإذا غاب العقل عاد المرء سيرته الأولي في أزمنة الجاهلية الغابرة.
.
تحية للجميلة "ضاض" في يومها العالمي أو قل في عيدها الأغر , فهي الحبيبة الجميلة , والمعشوقة الممشوقة التي لا تخون إن عاشرتها وتجدها في أي ساعة وأي زمان , لا تغادر فكرك ولاعقلك إذ هي فيه , وهي البيان لو أردت فصاحة وهي السلاح إن أردت قتالا.