بقلم عبد المنعم الخن .. شهادات ضمان السلع المباعة وهم يروج له البائعون في مصر
عقب الكساد الكبير الذي ضرب العالم في عام 1929 تباري الإقتصاديون في إيجاد السبل للخروج من هذه الأزمة فنشات نظريات ومفاهيم جديدة واستراتيجيات تهدف كلها إلي إرضاء المستهلك وتشجيعه علي الشراء وسأتكلم هنا عن إستراتيجية هامة ... هي إستراتيجية الترويج وهي الإستراتيجية الخاصة بتعريف المستهلك بالسلعة وخصائصها والخدمات المقدمة بعد إقتناء المستهلك للسلعة وهو ما يعرف بخدمات ما بعد البيع ومن ثم نشأت فكرة التعهد أو الإلتزام المكتوب من قبل البائع أو المنتج الي المستهلك ومقتضاه يلتزم البائع أو المنتج بتغيير السلعة او المنتج المبيع حال وجود عيب أو تلف بالسلعة المبيعة مع تحمل كافة مصاريف نقل السلعة الي مراكز البيع او الإنتاج ثم إعادة السلعة الجديدة الي محل سكن المستهلك وأيضا علي نفقة البائع أو المنتج مع الإعتذار اللازم أو تعويضه في شكل خصومات أو هدايا عند معاودته الشراء من نفس البائع أو المنتج .
هذا يا سادة باختصار مفهوم الضمان السلعي الذي يقدمه البائع أو المنتج للمستهلك أو العميل عند شرائه السلعة المعينة .. فهل هذا هو الذي نراه ونجده في مصر? .. الحقيقة أننا نجد قطعة من الورق تسمي شهادة مكتوب عليها شهادة ضمان ولكن هذه الورقة لا تساوي حتي قيمة المداد الذي كتبت به وكلنا تعرضنا لمثل هذا النصب في باديء الأمر ولكن عندما وجدنا عيبا أو تلفا في السلعة التي إشتريناها وأبلغنا البائع بهذا الآمر ماذا حدث وماذا قال لنا ؟
أولا رد عليك أو قابلك إذا ذهبت إليه شخصيا بوجه غير الوجه الذي قابلك به أول مرة عندما أشتريت منه السلعة وأعطيته القيمة , ثانيا يطلب منك أن تتوجه إلي مركز كذا أو شركة كذا بعتبارهم هم المسئولون عن الضمان أو الصيانة إذا كانت السلعة المبيعة سيارة أو ماكينة مثلا , وهنا عليك حمل السلعة ينفسك وعلي نفقتك والذهاب بها إلي العنوان الذي أعطي لك وبعد جهد ومعاناة قد تصل وقد لا تصل .. لنبفترض أنك وصلت إلي المكان المحدد ماذا بعد .. أنت الآن أمام شخص يجلس خلف منضدة يستلم السلعة ويطلب منك أن تدفع مبلغا من المال قيمة ما أخترعوه أو أطلقوا عليه إسم كشف , كشف علي ماذا ؟هل هو كشف علي مريض؟ نعم إن السلعة مريضة ويتعين الكشف عليها ودفع قيمة الفيزتا لتشخيص العيب الذي تشكو منه السلعة .. وماذا بعد؟ ..
لا مفر من أن ترضخ وتدفع المطلوب .. ثم يخبرك هذا الشخص أن تعاود الحضور بعد أسبوع .. وتأتي بعد أسبوع فتجد نفس الشخص الذي يخبرك أن الجهاز او السلعة مطلوب لها قطعة غيار جديدة بدل التالفة وسعرها كذا وإذا سألته أليست السلعة في فترة الضمان؟ بادرك بالقول أن هذه القطعة التالفة خارج الضمان والشركة غير مسئولة عنها وعليك أن تدفع , ولا تجد مفرا من الدفع وياليت يقتصر الأمر عند هذا الحد بل تعاود السلعة التوقف عن العمل بسبب نفس العطل أوعطل آخر وهكذا عليك معاودة رحلة المعاناة من جديد .
وعليه فإني لست متجنيا عندما قلت أن شهادات الضمان التي يصدرها البائع أو المنتج في مصر هي شهادات الوهم التي يروج لها دائما عبر الإعلانات الخادعة حتي تتم عملية الشراء من قبل المستهلك ولا يهم ماذا يجري بعد ذلك طالما أن المستهلك لا يجد من يحميه رغم وجود جمعية حماية المستهلك وهي جمعية أهلية جديدة لا خبرة لها ولا صلاحيات غير التفاوض الهاديء مع البائع والذي في الغالب الأعم لا يغني ولا يسمن من جوع.