ويروي مؤرخون أن الحسين بن علي بن أبي طالب توجه مع رهط من صحبه وأهله إلى الكوفة قادما من الحجاز عام 680 ميلادية، للمطالبة بالخلافة، التي كان قد تولاها يزيد بعد وفاة أبيه، الخليفة الأموي الأول معاوية بن أبي سفيان.
لكن والي يزيد في البصرة والكوفة أرسل قوة لمواجهة الحسين مع العدد القليل من أنصاره، مما اضطره إلى مواصلة السير باتجاه كربلاء حيث جرت محاصرتهم ومنع الماء عنهم، ومن ثم قتلهم وأسر النساء والأطفال من أهله وبينهم ابنه، علي زين العابدين، الإمام الرابع لدى الشيعة.
وقد شكلت هذه الواقعة بمقتل الحسين وأنصاره وسبي أهله، منعطفا هاما في تحديد المنحى الذي سارت عليه طقوس الطائفة الشيعية، الأمر الذي أسهم، إلى حد كبير، في تشكيل هويتها.
وتعد تلك المجالس والمواكب، من أهم الطقوس لدى الشيعة، إذ يرون أن لمقتل الحسين دوراً في ترسيخ الدين وديمومة المعتقد، لما يملكه من شاهد على الثبات على المبدأ والمطالبة بالحق.
تتضمن الطقوس تمثيلاً لأحداث واقعة كربلاء
ومن بين الطقوس الأخرى ضرب الرأس بأدوات حادة واستخدام السلاسل الحديدية لضرب الكتفين، إلا أن هذ النوع من الطقوس مختلف على شرعيته من قبل علماء الشيعة أنفسهم.
حظر الطقوس
وكانت السلطات العراقية إبان حكم الرئيس السابق صدام حسين اتخذت إجراءات للحد من ممارسة هذه الطقوس من قبل المسلمين الشيعة الذين يشكلون الأكثرية السكانية في البلاد.
لكن إجراءات التضييق تلك لم تكن الأولى من نوعها في التاريخ، فقد تعرضت الطقوس الشيعية إلى مواقف مشابهة في فترات تاريخية سابقة.
ويقول المؤرخون الشيعة إن شعائر عاشوراء منعت في بعض الحواضر إبان حكم المماليك في العراق، الذين حكموا العراق منذ منتصف القرن الثامن عشر إلى الربع الأول من القرن التاسع عشر، لكنها استؤنفت في ما بعد خلال الحكم العثماني عندما وقعت الاستانة وثيقة سلام مع الإيرانيين إثر انتهاء حكم المماليك.
كما جرت مساع أخرى للسيطرة عليها في فترات أخرى من تاريخ العراق الحديث وخاصة في العشرينات والثلاثينات من القرن الماضي.
ويعد الدافع السياسي من أهم العوامل التي تحدو بالسلطات إلى اتخاذ إجراءات لتقييد تلك الممارسات ومنع تحولها إلى أداة ضغط سياسية، لكونها مناسبة للتعبير عن الاعتراض أو الرفض أو الاحتجاج، وربما تشكل حافزاً للانتفاضات العشائرية والمناطقية.
تغيّر الوضع
لكن ما شهده العراق في عام 2003 بانهيار نظام صدام حسين بعد دخول القوات الأمريكية وحلفائها البلاد، غيّر من الوضع السياسي إذ حصل الشيعة على تمثيل بارز في الحكومة، بعد أن كانوا في الظل أثناء الحكومات التي توصف بأنها "سنية" في الفترات التي سبقت ذلك التاريخ.
وبعد إجراء انتخابات برلمانية في العراق هيمنت الأحزاب الإسلامية الشيعية على الحكومة. ومنذ ذلك الحين، أصبحت ممارسة طقوس عاشوراء وغيرها تجري بحرية وأحيانا دون قيود. وفي المقابل، أضحت تلك التجمعات هدفا سهلا للهجمات الانتحارية والتفجيرات التي تنفذها جماعات متشددة.
ومن أكثر المناطق استهدافا المدن والبلدات والأحياء التي يقطنها المسلمون الشيعة. وتواصلت تلك الهجمات أثناء وجود القوات الأمريكية في البلاد وبعد خروجها في نهاية عام 2011.
كربلاء حيث مرقد الحسين |
يذكر أن إحياء ذكرى الحسين، وهو الإمام الثالث لدى الشيعة الإثني عشرية، يجري في مدينة كربلاء التي يؤمها الزوار من مناطق مختلفة في العراق وخارجه. لكن طقوسها تمارس بصور مصغرة في المدن الأخرى التي تقطنها غالبية شيعية في العراق، إضافة الى بلدان فيها وجود للطائفة الشيعية.