الفقراء في مصر يمثلون 40% من السكان ومعظمهم يعانون من المرض وويلاته , والغريب أنهم يتزايدون بالنسبة والتناسب مع زيادة السكان الكارثية , والمواطن المصري البسيط يعيش في وضع كئيب فهو بين المطرقة والسندال , مطرقة الفقر وسندال المرض , ورغم ذلك لا يجد الصدر الحنون الذي يحنو عليه ويقدم له يد العون والمساعدة إلا فيما ندر , وربما ذلك لأنه فقير تحكمه حكومة فقيرة بل و مديونة داخليا وخارجيا وهذا ما زاد الطين بلة , والأغنياء وأصحاب رؤوس الأموال في مصر لا يهتمون بالفقير ولا يتركونه علي حال الفقر الذي هو يعيشه , بل تزداد قسوتهم عليه بإرتفاعات مستمرة في أسعار السلع والخدمات الضرورية التي ينتجونها أو يبيعونها , إرتفاعات غير مبررة وبعيدة كل البعد عن حسابات التكاليف المتعارف عليها , ومن ثم فالمبرر الوحيد هو الجشع وشهوة الثراء السريع.
.
لو كان المواطن المصري فقيرا فحسب لهان الأمر وجاز تقبله , ولكن الذي يؤلم القلب ويدمع العين أنه فقير وأيضا مريض وهو لا يجد إلا الموت في المستشفيات الحكومية حتي الموت يكلفه مصاريف تكفين ودفن لا يقدر عليها ذويه , وإذا لجأ الفقير المريض إلي المستوصفات وعيادات المساجد يجد أيضا التكلفة مرتفعة أقل قيمة كشف بها من 30 إلي 50 جنيها , بالإضافة إلي قيمة ما يوصف له من دواء الذي هو أيضا زاد سعره بشكل مخيف لا يقدر عليه الفقير إلا بعون من بعض أصحاب القلوب الرحيمة الذين مازالوا موجودين لم ينقرضوا بعد.
.
ما تقدم هو ما يعانيه المواطنون المصنفون "تحت خط الفقر" في مصر ونسبتهم تتراوح بين 35% إلي حوالي 40% , أما الذين يصنفون "علي خط الفقر أو فوقه بقليل" فهم الذين يزيد نستهم عن 50% , وهؤلاء يعانون أيضا من أمراض كثيرة وجسيمة وخطيرة تستوجب الذهاب إلي العيادات الخاصة بمعني أنها ليست حكومية وبمعني أنها متخصصة أو القائم عليها دكتور أو أستاذ متخصص في علاج نوعيات معينة من الأمراض أيضا كأمراض السرطان والقلب والكبد .. الخ.
.
هذه العيادات المتخصصة صارت يا سادة سلخانات , فالمريض الذي يلجأ مضطرا إلي هذه العيادات يلاقي الأمرين , الأول طوال الإنتظار بالساعات الطوال حتي يأتي دورة كي يكشف عليه الدكتور أو الأستاذ , علما بأن الكشف لا يستغرق أكثر من ثلاثة أو أربع دقائق , والمر الثاني هو قيمة الفيزتة أو الكشف الذي وصل إلي خمسمائة جنيه في بعض العيادات , وفي البعض الآخر قد يتراوح بين 200 إلي 300 جنيه , وبديهي بخلاف قيمة العلاج باهظ التكاليف.
.
علي ضوء ما تقدم نجد أن ظروف المواطن المصري صعبة للغاية
ورغم ذلك تنهش مخالب أطباء مصر ومنتجي ومستوردي الدواء في جسده المريض دون ما رحمة أو شفقة أو خوف من الله , ومثلهم تلك الفئة الضالة من المدرسين الذين يغالون فيما يتقاضونه مقابل الدروس الخصوصية التي إبتدعوها بتقصيرهم في أداء عملهم بالذمة والأمانة التي يرتضيها الله ورسوله والتي تلهب ظهور الأباء الذين هم في وادي الفقر يهيمون
.
ألا يكفي لهيب اسعار الطعام وباقي السلع والخدمات التي يكتوي بنارها رب الأسرة المصرية؟ فنزيده هما فوق هم بأسعار العلاج والدواء التي أرتفعت إرتفاعات رهيبة خارج نطاق المعقولية ..إن الشهوة المحمومة في الثراء السريع من قبل أطباء مصر مرجعه إلي القصور الحكومي في معالجة
الفقراء , ولو أن الحكومات المصرية المتعاقبة قامت بتقديم الخدمة الطبية المناسبة لهؤلاء لما احتاجوا لأمثال هؤلاء من مصاصي دماء المرضي الأبرياء.
لا أستطيع إلا المناشدة والرجاء من أطباء مصر أن يرفقوا بحال المواطن المريض بذاته , المريض بفقره , والمريض بحكومته , ولن يضيرهم شيء إذا ما خصصوا أو إقتطعوا يوما في الأسبوع للكشف علي هؤلاء نظير أجر رمزي ويحتسبون الفرق في ميزان حسناتهم ينتفعون به يوم القيامة حيث لا ينفع مال ولا بنون , ولله الأمر من قبل ومن بعد.