مصر تخوض حربين , حرب ضد الإرهاب , وحرب ضد الطابور الخامس , ومقالي هذا سيختصر علي الحرب ضد الطابور الخامس , ولكي نواصل كان لابد أن نتعرف أولا علي معني إصطلاح "الطابور الخامس" حتي يلم القاريء بماهية هذا الإصطلاح وكيف نشأ.
.
الطابور الخامس مصطلح متداول في أدبيات العلوم السياسية والاجتماعية نشأ أثناء الحرب الأهلية الأسبانية التي نشبت عام 1936 م واستمرت ثلاث سنوات وأول من أطلق هذا التعبير هو الجنرال اميليو مولا أحد قادة القوات الوطنية الزاحفة على مدريد وكانت تتكون من أربعة طوابير من الثوار فقال حينها إن هناك طابورًا خامسًاً يعمل مع الوطنيين لجيش الجنرال فرانكو ضد الحكومة الجمهورية التي كانت ذات ميول ماركسية يسارية من داخل مدريد ويقصد به مؤيدي فرانكو من الشعب، وبعدها ترسخ هذا المعنى في الاعتماد على الجواسيس في الحرب الباردة بين المعسكرين الاشتراكي والرأسمالي.
.
إذن الطابور الخامس هو جماعات مناوئة تعمل ضد الحكومة لمصلحة جهات أجنبية أو لمصالح ضيقة سياسية تحريضية أو فئوية أو ما شابه لدغدغة مشاعر البسطاء من المواطنين وتحريضهم لتصدي ضد أي قانون أو إجراء تتخذه الدولة لصالح البلاد خصوصا في زمن الحرب.
.
إذا طبقنا ما سبق علي المشهد الراهن في مصر والتي تخوض حربا لا هوادة فيها ضد الإرهاب في سينا وكافة المحافظات , وذلك بغرض تفتيت مصر وتقطيع أوصالها كما حدث في دول الجوار مثل العراق واليمن وسوريا وليبيا , سنجد أن في مصر طابورا خامسا يعمل ضد مصلحة مصر ومساندا ومحرضا علي الإرهاب , كيف؟ .. سأشرح لكم.
.
أولا أين يختفي الطابور الخامس؟ , الطابور الخامس هم أفراد تتكون إما من الجماعات الإرهابية وإما من المتعاطفين معهم بهوس ديني مريض وهؤلا ما زالوا يتبوأون وظائف في كافة الوزارات والهيئات والنقابات والإعلام والجمعيات وبالأخص المجلس القومى لحقوق الإنسان التابع للدولة , هذا الطابور الخامس المنتشر والمتكاثر والمتغلغل لا يحمل سلاحا من أي نوع إلا نوعا واحدا من الأسلحة الفتاكة وهو الفكر التكفيري المتطرف وتحريض الشباب علي إستخدام كافة أنواع أسلحة القتل والدمار ضد الدولة وجيشها وشرطتها حتي مواطنيها المدنيين الأبرياء . إن سلاح بث الأفكار التكفيرية والتحريض علي هدم الدولة ما هو إلا سلاح أمضي وأشد فتكا من باقي أنواع الأسلحة.
.
إن مصر في حالة حرب يستخدم فيها العدو كافة أنواع الأسلحة المتطورة بالإضافة إلي أنه عدو غير نظامي من الصعوبة بمكان القضاء عليه بسهولة , لذا أري أن من حق مصر أن تستخدم كافة الوسائل من تشريعات وقوانين وإجراءات إحترازية وإستباقية في حربها ضد الإرهاب ومن حقها إعلان الأحكام العرفية إذا دعت الضرورة لذلك ولا معقب علي ما تتخذه من إجراءات كفيلة للإنتصار في هذه الحرب وصيانة البلاد من خطر التقسيم وعبث داعش وأنصار بيت المقدس وغيرها من الجماعات الإرهابية.
.
نأتي إلي قانون مكافحة الإرهاب الذي أعدته الحكومة والذي بصدد إصداره قريبا جدا بعد توقيع السيد رئيس الجمهورية عليه والذي ينص في مادته رقم 33 علي "يعاقب بالحبس الذي لا تقل مدته عن سنتين , كل من تعمد نشر أخبار أو بيانات غير حقيقية عن أي عمليات إرهابية بما يخالف البيانات الرسمية الصادرة عن الجهات المعنية , وذلك دون إخلال بالعقوبات التأديبية المقررة في هذا الشأن".
.
هذه المادة صار حولها جدل وإمتعاض من قبل من؟ في رأي من قبل من ينوي التعمد - ولاحظوا كلمة التعمد هذه التي جاءت في نص المادة - لنشر أخبار كاذبة غير حقيقية عن عمليات إرهابية بما يخالف البيانات الرسمية الصادرة عن الجهات المعنية , لأن ذلك من شأنه بلبلة الرأي العام وإستفادة وإبتهاج العدو بهذه الأخبار الكاذبة , وقد حدث ذلك في مزاد أعداد الشهداء الذي قضوا في العمليات الإرهابية في أول يوليه 2015 حيث سارعت الصحف والقنوات الإعلامية في مزايدة علي أعداد القتلي من الجنود المصريين وهي أعداد تجافي الحقيقة والواقع مما خلف حزنا عميقا لدي أفراد الشعب الشرفاء وأورث فرحا شديدا لدي العدو في الداخل والخارج أليست هذه الأخبار من قبيل الشماتة والتحريض ضد الدولة وجيشها؟ أليس هذا مستحقا لعقوبة كما جاء في المادة 33 من قانون مكافحة الإرهاب الذي تحدثنا عنه.
.
هذا الإعتراض وهذه الضجة علي قانون مكافحة الإرهاب لا يتأتي إلا من أفراد الطابور الخامس الذين يعملون لصالح الإخوان والجماعات الإرهابية المنبثقه عنهم مثل أنصار بيت المقدس وداعس وكتائب حلوان وكتائب علان وجماعة ترتان , وكلها جماعات أجتمعت علي هدف واحد هو القضاء علي مصر ورئيس مصر وجيشها وشرطتها ليكتمل مخطط الشرق الأوسط الجديد
.
إن مهنة الصحافة والإعلام هي في الأصل مهنة نقل الحقائق بشرف وأمانة دون ما تهويل أو هوي من جانب الصحفي الذي يفعل ذلك , ويبدو أن الصحفيين والإعلاميين في مصر لا يدركون أهمية الإعلام في وقت الحروب , ففي وقت الحروب يكون الإعلام هو السلاح الفعال في كسب الحروب , كما قال جوزيف جوبلز (وزير الدعاية النازي) و هو يعتبر إحدى الأساطير في مجال الحرب النفسية، وهو أحد أبرز من وظفوا واستثمروا وسائل الإعلام في هذه الحرب وهو صاحب شعار شهير يقول: «اكذب حتى يصدقك الناس» غير أنه كان صاحب الكذب الممنهج والمبرمج يعتمد الترويج لمنهج النازية وتطلعاتها، ويهدف لتحطيم الخصوم من الجانب الآخر وقد أكدت ظاهرة جوبلز هذه أن الذي يملك وسائل الإعلام يملك القول الفصل في الحروب الباردة والساخنة.
.
وأخيرا أقول للطابور الخامس في مصر أتقوا الله وعودوا إلي مصريتكم فإن مصر هي ملاذكم ولدتم بها وستمتون بها , وأتوجه للإعلاميين عدوا إلي شرف المهنة ولا تقطعوا أوصال وطنكم بأيديكم وأخباركم الكاذبة المضلله التي لا تستفيدوا منها شيئا غير إثارة الرأي العام ودغدغة مشاعر المواطنين وربما في زيادة توزيع صحفكم الراكدة أو زيادة إعلانات مضلله علي قنواتكم تزداد بها خزائن أصحابها علي حساب الدماء المصرية الزكية .
وليعلم كل معترض علي قانون مكافحة الإرهاب المزمع إصدارة أنه فرد فاعل ضمن الطابور الخامس , أما الحجة الواهية للإعتراض علي المادة 33 من قانون مكافحة الإرهاب وهي عدم دستوريته طبقا لدستور 2015 , فهي حجة واهية فأولا كلنا نعلم عوار دستور مرسي المعدل والذي عدلته لجنة الخمسين التي رأسها عمرو موسي الذي كان من أعمدة نظام مبارك كما كان أغلب أعضائها من الطابور الخامس , سلفيين وإخوان منشقين ونقابيين مناوئين أمثال سامح عاشور نقيب المحامين أو من أعضاء المجلس القومى لحقوق الإنسان الإرهابي . ومع ذلك كان هناك أعضاء شرفاء وطنيون ولكنهم قلة , والقلة ماذا تفعل أمام الكثرة , ولولا حب المواطنين للمشير السيسي آنذاك ما مر هذا الدستور في أي إستفتاء يستفتي عليه من جانب الشعب.
.
أحب أن أنوه إستدراكا مني علي عبارة وردت في المقال وهي "دستور مرسي المعدل" .. هي نعم عبارة صحيحة لأن الخطأ كان في خارطة الطريق التي نصت علي تعديل دستور 2012 وهو الدستور الذي شرعته لجنة المائة في عهد الرئيس المخلوع محمد مرسي , وكان الأجدر نسف هذا الدستور وصناعة دستور جديد يعبر عن المرحلة ونظام الحكم بعد 3 يوليه 2013 بدلا من الترقيع , وكنا هنا نستطيع تسميته دستور ثورة 30 يونيه 2013 عن جدارة وإستحقاق , وما كنا لنشاهد الآن هذا المشهد السياسي الذي يعبر عن المثل الشعبي "سمك لين تمرهندي"