يوم مولد الهادي أشرق الليل فأنار الدنيا وأزاح ظلمة الأنام وتبدل الحال من كفر إلي إيمان.
.
هو محمد بن عبد الله رسول الله صلي الله عليه وسلم , بعثه ربه بالحق وبرسالة التوحيد , فبلّغ الرسالة وأدي الأمانة , ونصح الأمة وأزال الغمة , هو الرحمة المهداة وصفه ربه بالخلق العظيم , هو من بعثه ربه برسالة التوحيد واصطفاه لهذه المهمة لأنه الصادق الأمين ذو المقدرة المكين , فدعي الناس بالحكمة والموعظة الحسنة للإيمان برب واحد للعالمين بقرآن أنزل عليه من العزيز الحكيم , كتاب كريم فصلت آياته تفصيلا مبين هدي للمتقين , معجزة من السماء بلسان عربي متين.
.
لم يكن تبليغ الرسالة سهلا علي محمد بن عبد الله صلي الله عليه وسلم , وكيف يكون سهلا وقد أستقر الكفر وعبادة الأوثان في القلوب والأذهان؟ , عان وتحمل ما تنوء بحمله الجبال والوديان من معسكر الكفر في مكة فهاجر إلي المدينة علي كره منه فقد كانت مكة عزيزة علي قلبه ساكنة في فؤاده , فكانت هجرته إلي المدينة حيث أنار الله عقول نفر كثير من أهلها فدعوه إلي القدوم لنصرته وإقامة دين الله الحق , فصدقوا ما عاهدوا عليه فاعانوه ونصروه هو وأصحابه فكانوا نعم السند ونعم الأنصار الذين عاشوا مع المهاجرين أخوة في الدين وفي تواد وحب عظيم .
.
يعجز المرء عن وصف خلق الرسول صلي الله عليه وسلم بعد أن وصفه ربه بالخلق العظيم (وإنك لعلي خلق عظيم) آية 4 من سورة القلم , ومدحه بالتي هي فيه والتي ليست هي فيه في قوله سبحانه: (فيما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا عليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل علي الله إن الله يحب المتوكلين) آية 159 من سورة آل عمران , وخير وصف لخلق الحبيب المصطفي بعد وصف الله له هو وصف عائشة رضي الله عنها زوج الرسول صلي الله عليه وسلم , فقد ثبت عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت ذلك في وصف النبي صلى الله عليه وسلم , وجاء في حديث طويل في قصة سعد بن هشام بن عامر حين قدم المدينة ، وأتى عائشة رضي الله عنها يسألها عن بعض المسائل ، فقال: يا أم المؤمين أنبئيني عن خلق رسول الله صلي الله عليه وسلم
قَالَت: ألست تقرأ القرآن ؟
قال: بلي .
قالت : فإن خلق نبي الله صلي الله عليه وسلم كان القرآن.
وقد وصفه أمير الشعراء أحمد بك شوقي في قصيدة نهج البردة بقوله "صلاح أمرك للأخلاق مرجعه"
.
محمد رسول الله المصطفي وحبيبه المبتغي وحبيب خلقه المرتجي وسيد الخلق كلهمو وصاحب العصمة العصماء والروضة الفيحاء والسيرة الحسناء والنور المستضاء , كان عطوفا للصغار كريما للكبار إذا جاد بلغ بالجود المدي وفعل ما لم تفعله الأنواء , وإذا إقتص للحق فكل حقوق الخلق لديه سواء , وإذا أعطي العهد أو أخذه فجميع عهده ذمة ووفاء , وإذا جاهد فجاهده دفعا للعدي والدهماء , كانت شيمته العفو والصفح , ويوم الفتح وما أدراك ما يوم الفتح , يوم سيقت جحافل الأسري إليه , وكان قادرا ومقدرا , قادرا بحكم المنتصر , ومقدرا لصلة الأرحام والنسب , فكانت أسراه من الطلقاء رغم ما لقاه منهم من عسف وبلاء.
.
أبا الزهراء أنت الشفيع يوم العرض , يوم ليس به يستهان , يوم يكرم المرء أو يهان , فكن إلي جانبنا لتجنبنا هول ذاك الإمتحان , صلي الله عليك يا علم الهدي ونور الحق المهتدي , وصلي الله علي اهل بيتك الأطهار وصحابتك الغر الميامين الأبرار.