بحث داخل الموقع

أبريل 25، 2015

أول ذكري مئوية لمذبحة الأرمن كواحدة من مآسي نظام الخلافة الوراثي .. بحث أعده الكاتب عبد المنعم الخن

كان بالأمس 24 أبريل 2015 الذكري المئوية لمذابح الأرمن علي يد الأتراك المجرمين. 
.
هكذا كانت الخلافة كنظام حكم قائم علي
التوريث منذ أن آلت الخلافة إلي معاوية بن أبي سفيان بعد التحكيم بينه وبين علي بن أبي طالب كرم الله وجه , ومنذ ذلك الحين الذي أستبدل فيه نظام الشوري بنظام الوراثة شهدت كافة نظم الخلافة أبشع جرائم القتل والسحل والحرق حتي الكعبة المشرفة لم تسلم من هؤلاء الخلفاء ومن يأتمروا بأمرهم فلقد ضربت الكعبة بالمجانيق مرتين الأولي في عهد الخليفة يزيد بن معاوية والثانية في عهد الخليفة عبد الملك بن مروان عندما تحصن بها عبد الله بن الزبير , ضربها الحجاح بن يوسف الثقفي بأمر من الخليفة عبد الملك بن مروان للتخلص من عبد الله بن الزبير الذي بايعه المسلمون علي الخلافة في الحجاز ومصر وبقت الشام تحت حكم مروان بن عبد الملك , القصة طويلة ولا مجال لسردها الآن.

المهم أن عصور الخلافة شهدت مذابح عديدة وقتل ملايين البشر من المسلمين وغير المسلمين بزعم أنهم كفرة بعد إتساع دائرة التكفير في القرن السابع الهجري علي يد إبن تيمية الذي كفر كل الناس , وللأسف كان سند هؤلاء في التكفير والقتل ذلك الحديث المكذوب الذي أخرجه البخاري عن عكرمة الكذاب "من بدل دينه فاقتلوه" حديث في صحيح البخاري برقم 3017

المذابح التي زخرت بها عصور الخلافة الإسلامية لا تعد ولا تحصي , في خلافة علي بن أبي طالب قتل سبعة آلاف في معركة الجمل بين جيش عائشة وطلحة والزبير من جهة وجيش علي وكان قد بويع بالخلافة من جهة أخري , ثم قتل قرابة سبعون ألفا في معركة "صفين" بين جيش الشام بقيادة معاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص وبين جيش الخليفة علي بن أبي طالب , ووصل الآمر إلي قتل ثمانين من أهل بيت النبي صلي الله عليه وسلم وعلي رأسهم الحسين سبت وحفيد رسول الله وجزت رأسه وأرسلت إلي الخليفة آنذاك يزيد بن معاوية الذي ورث الملك عن أبيه معاوية بعد موته , ثم نأتي إلي خلافة مروان بن عبد الملك الذي أطلق يد الحجاح بن يوسف في قتل كل المناوئين والمعارضين لحكم عبد الملك بن مروان فكانت مذبحة يشيب من هولاها الولدان.   

ثم يذهب بنا التاريخ إلي إقتتال العباسيين والأمويين بين الجيش الأموي بقيادة آخر خلفاء بنو أمية مروان بن محمد وجيش العباسيين بقيادة أبي مسلم الخرساني والتي أنتهت بمقتلة صخمة للأمويين وزوال ملكهم وبداية ملك بني العباس , الذي لم يكن أفضل من سابقه , ويسير بنا قطار التاريخ علي قضبان الخلافة الإسلامية لنصل إلي محطة مذبحة البرامكة علي يد الخليفة العباسي هارون الرشيد , ثم الإقتتال بين أبنائه الأمين والمأمون والتي أنتهت أيضا بمذبحة للمسلين من معسكر الخليفة الأمين وولي عهده المأمون والتي أنتهت بمقتل الخليفة الأمين وتولي المأمون الخلافة من بعده.

ورحلة قطار التاريخ طويل ومحطات المذابح فيه عديدة , حتي نصل إلي مذبحة الأرمن علي يد الخليفة العثماني عبد الحميد الثاني سنة 1915 , وتعرف أيضا باسم المحرقة الارمنية والمذبحة الارمنية أو الجريمة الكبرى، وهي تشير إلى القتل المتعمد والمنهجي للسكان الأرمن من قبل الامبراطورية العثمانية خلال وبعد الحرب العالمية الأولى، وقد تم تنفيذ ذلك من خلال المجازر وعمليات الترحيل القسري وهي عبارة عن مسيرات في ظل ظروف قاسية مصممة لتؤدي إلى وفاة المبعدين. 

يقدّر الباحثين ان اعداد الضحايا الأرمن تتراوح ما بين 1 مليون و 1.5 مليون نسمة. 

مجموعات عرقية مسيحية أخرى تم مهاجمتها وقتلها من قبل الإمبراطورية العثمانية خلال هذه الفترة كالسريان والكلدان والآشوريين واليونانيين وغيرهم.

 يرى عدد من الباحثين ان هذه الأحداث، تعتبر جزء من نفس سياسية الإبادة التي انتهجتها الخلافة العثمانية ضد الطوائف المسيحية , ومن المعترف به على نطاق واسع ان مذابح الارمن تعتبر من جرائم الإبادة الجماعية الأولى في التاريخ الحديث، 

والباحثون يشيرون بذلك إلى الطريقة المنهجية المنظمة التي نفذت من عمليات قتل هدفها القضاء على الأرمن، وتعتبر مذبحة الأرمن أكبر قضية عن المذابح تليها الهولوكست (مذبحة اليهود علي يد هتلر إبان الحرب العالمية الثانية).  

توجد اليوم العديد من المنشآت التذكارية التي تضم بعض رفات ضحايا المذابح، ويعتبر يوم 24 أبريل/ نيسان من كل عام ذكرى مذابح الارمن، وهو نفس اليوم التي يتم فيه تذكار المذابح الآشورية وفيه تم اعتقال أكثر من 250 من أعيان الأرمن في إسطنبول. 

وبعد ذلك، طرد الجيش العثماني الأرمن من ديارهم، وأجبرهم على المسير لمئات الأميال في الصحراء إلي ما يعرف الآن بسوريا، وتم حرمانهم من الغذاء والماء، المجازر كانت عشوائية وتم مقتل العديد بغض النظر عن العمر أو الجنس، وتم الإغتصاب والاعتداء الجنسي على العديد من النساء.  

ومن البجاحة أن جمهورية تركيا، الدولة التي خلفت الإمبراطورية العثمانية، تنفي وقوع المجازر التي تؤكدها الأمم المتحدة؛ حيث في السنوات الأخيرة وجهت دعوات متكررة لتركيا للاعتراف بالأحداث بأنها إبادة جماعية. ولكنها تأبي حتى الآن، الإعتراف بمذابح الارمن , أو بإبادة الجماعية لهم رغم معظم علماء الإبادة الجماعية والمؤرخين يقبلون بهذا الواقع.


نبذة تاريخية 
عاش الارمن منذ القرن الحادي عشر في ظل إمارات تركيا متعاقبة كان اخرها الخلافة أو الإمبراطورية العثمانية، وقد اعترف بهم العثمانيون كملة منفصلة كاملة الحقوق , وبحلول القرن التاسع عشر أصبحت الدولة العثمانية أكثر تأخرا من غيرها من الدول الأوروبية حتى أنها لقبت ب-"رجل أوروبا العجوز". وقد نالت خلال هذه الفترة العديد من الشعوب استقلالها منها كاليونان والرومانيون والصرب والبلغار , كما ظهرت حركات انفصالية بين سكانها العرب والأرمن والبوسنيين مما أدى إلى ردود فعل عنيفة ضدهم. 

يتهم عبد الحميد الثاني بكونه أول من بدأ بتنفيذ المجازر بحق الأرمن وغيرهم من المسيحيين الذين كانوا تحت حكم الدولة العثمانية , ففي عهده نفذت المجازر الحميدية حيث قتل مئات الآلاف من الأرمن واليونانيين والآشوريين لأسباب اقتصادية ودينية متتعدة , وقد بدأت عمليات التصفية بين سنتي 1894-1896 وهي المعروفة بالمجازر الحميدية. كما قام عبد الحميد الثاني بإثارة القبائل الكردية لكي يهاجموا القرى المسيحية في تلك الأنحاء. 

قام أحد أفراد منظمة الطاشناق بمحاولة فاشلة لاغتيال السلطان عام 1905 بتفجير عربة عند خروجه من مسجد, ولكن السلطان عفا عنه. أدت هذه الحادثة والأنقلاب على حركة تركيا الفتاة في 1908 إلى مجازر أخرى في قيليقية كمجزرة أضنة التي راح ضحيتها حوالي 30,000 أرمني. 

خلال فترة الحرب العالمية الأولى قام الأتراك بالتعاون مع عشائر كردية بإبادة مئات القرى الأرمنية شرقي البلاد في محاولة لتغيير ديموغرافية تلك المناطق لاعتقادهم أن هؤلاء قد يتعاونون مع الروس والثوار الأرمن. كما اجبروا القرويين على العمل كحمالين في الجيش العثماني ومن ثم قاموا بإعدامهم بعد انهاكهم. غير أن قرار الإبادة الشاملة لم يتخذ حتى ربيع 1915, ففي 24 أبريل/ نيسان 1915 قام العثمانيون بجمع المئات من أهم الشخصيات الأرمنية في إسطنبول وتم اعدامهم في ساحات المدينة. 

بعدها أمرت جميع العائلات الأرمنية في الأناضول بترك ممتلكاتها والانضمام إلى القوافل التي تكونت من مئات الالآف من النساء والأطفال في طرق جبلية وعرة وصحراوية قاحلة. وغالبا ما تم حرمان هؤلاء من المأكل والملبس. فمات خلال حملات التهجير هذه حوالي 75% ممن شارك بها وترك الباقون في صحاري بادية الشام. 

ويروي أحد المرسلين الأمريكيين إلى مدينة الرها: 
«خلال ستة اسابيع شاهدنا أبشع الفظائع تقترف بحق الآلاف... الذين جاؤوا من المدن الشمالية ليعبروا من مدينتنا. وجميعهم يروون نفس الرواية: قتل جميع رجالهم في اليوم الأول من المسيرة، بعدها تم الأعتداء على النسوة والفتيات بالضرب و السرقة وخطف بعضهن حراسهم... كانوا من أسوأ العناصر كما سمحوا لأي من كان من القرى التي عبروها باختطاف النسوة والاعتداء عليهن. لم تكن هذه مجرد روايات بل شاهدنا بأم أعيننا هذا الشيء يحدث علنا في الشوارع.»

أعداد الموتى 
يتفق معظم المؤرخين على أن عدد القتلى من الأرمن تجاوز المليون. غير أن الحكومة التركية وبعض المؤرخين الأتراك يشيرون إلى مقتل 300,000 آلاف أرمني فقط  بينما تشير مصادر ارمنية إلى سقوط أكثر من مليون ونصف أرمني بالإضافة إلى مئات الآلاف من الآشوريين/السريان/الكلدان واليونان البنطيين. 

جريدة نيويورك تايمز صادرة في 15 ديسمبر 1915 تذكر المقالة في الجريدة أن قريب المليون شخص قتلوا أو تم نفيهم على أيدي الأتراك.

بسبب هذه المذابح هاجر الأرمن إلى العديد من دول العالم من ضمنهم أرمن سوريا، لبنان، مصر ، العراق. ولا يزال الأرمن يحيون تلك الذكرى في 24 أبريل \ نيسان من كل عام. وحتى الآن لا تعترف دولة تركيا بهذه المذبحة.

عندما دخل الإنجليز إلى إسطنبول محتلين في 13 نوفمبر/ تشرين الثاني من سنة 1919،أثاروا المسألة الأرمنية، وقبضوا على عدد من القادة الأتراك لمحاكمتهم غير أن معظم المتهمين هرب أو اختفى فحكم عليهم بالإعدام غيابيا، ولم يتم إعدام سوى حاكم يوزغت الذي أثم بإبادة مئات الأرمن في بلدته. 

و ردا على استمرار إنكار الإبادة الجماعية للأرمن من قبل الدولة التركية، دفع ذلك العديد من الناشطين في مجتمعات الشتات الأرمني من أجل الاعتراف الرسمي للإبادة  الجماعية للأرمن من مختلف الحكومات في جميع أنحاء العالم. وقد اعتمد 20 بلدا و 42 ولاية أمريكية قرارات الاعتراف بالإبادة الأرمنية كحدث تاريخي ووصف الأحداث بالإبادة الجماعية , وفي 4 مارس 2010 ، صوتت لجنة من الكونغرس الاميركي بفارق ضئيل بأن الحادث كان في الواقع إبادة جماعية ؛وفي غضون دقائق أصدرت الحكومة التركية بيانا تنتقد "هذا القرار الذي يتهم الأمة التركية بجريمة لم ترتكبها" ياللبجاحة!!.

المنظمات الدولية التي تعترف رسميا بالإبادة الأرمنية تشمل: الامم المتحدة، البرلمان الأوروبي ، مجلس أوروبا، مجلس الكنائس العالمي ، منظمة حقوق الإنسان ،  جمعية حقوق الإنسان التركية ، ميركوسور،  جمعية الشبان المسيحيين ، واتحاد اليهود الاصلاحيين. 

اليوم الذكرى السنوية لما يطلق عليه أول إبادة جماعية في القرن العشرين , ونحن إذ نحيي ذكرى ضحايا الأرمن في هذه الجريمة بحق الإنسانية لنطلب الرحمة والغفران لهؤلاء المساكين.

الدول ذات السيادة التي تعترف رسميا بالإبادة الأرمنية تشمل: الأرجنتين،  أرمينيا، بلجيكا،  كندا،  تشيلي،  قبرص، فرنسا،  اليونان،  إيطاليا،  لتوانيا،  لبنان، هولندا، بولندا، روسيا،  سلوفاكيا،  السويد، سويسرا، أوروغواي، الفاتيكان، فنزويلا , اقليم الباسك واقليم كتالونيا في إسبانيا، واقليم القرم في أوكرانيا،  نيوساوث ويلز وجنوب أستراليا في أستراليا، كيبك في كندا، و 42 ولاية في الولايات المتحدة الاميركية , كما كان هناك تحرك من جانب الناشطين في بلغاريا من الاعتراف بالإبادة الجماعية، وتم التصويت عليه بعد وقت قصير من قرار البرلمان عدد من البلديات في بلغاريا وافقت على قرار للاعتراف بالإبادة الجماعية. وقد صدر القرار في مدينة بلوفديف و بورغاس، روسه، ستارا زاغورا، وغيرها من المدن.