بحث داخل الموقع

نوفمبر 06، 2014

رخص القيادة الإرهابية .. بقلم عبد المنعم الخن

ماهو الإرهاب؟ .. الإرهاب هو كل فعل أو عمل يؤدي إلي قتل المواطنين الأبرياء , والإرهابي هو كل من يحمل السلاح ويقتل به غيره , ونحن نتصور أن السلاح
هنا هو البندقية والآلي والأربيجيه ونغفل أن هناك سلاحا أشد فتكا من كل هذه الأسلحة ألا وهو رخصة القيادة التي تمنحها وزارة الداخلية لسائقي سيارات النقل وأتوبيسات المدارس دون تدقيق أو تمحيص كاملين وذلك يرجع إلي أسباب كثيرة أهمها الفساد المستشري في إدارات المرور المصرية التابعة لوزارة الداخلية والمنوط بها منح هذه الرخص القاتلة أو قل هذا السلاح الفتاك , من أجل ذلك أتهم وزارة الداخلية بالتحريض علي قتل المصريين الأبرياء , وأتهم المشرع الذي أصدر قانون المرور المترهل العفن الذي أقتصر علي نظام الغرامات المالية أو السجن في بعض الأحيان وأغفل نظام النقاط علي الرخصة والمعمول به في كافة دول العالم كما سيأتي شرحه في السطور التالية.


هذه إستهلالة لا بد منها لأدخل في الموضوع .. الموضوع جد حزين والحدث جلل والخطب فادح , فقد راح تسعة عشرة ضحية قتلي من طلاب المدرسة الفندقية بدمنهور محافظة البحيرة ومثلهم جرحي في حالة حرجة حتي الآن وأقول حتي الآن لأن العدد مرشح للزيادة لجسامة الإصابات , أثر حادث تصادم بين أتوبيس مدارس يحمل هؤلاء الطلبة مع تريلا تحمل سولارا , أدي الحادث إلي إحتراق الضحايا وتفحمهم , إنا لله وإنا إليه لراجعون وحسبي الله ونعم الوكيل في كل من تسبب في هذا الحادث المفجع وهم كتر.

لا أريد ترديد قول البغبغاوات وإلقاء المسئولة علي كل من سائق الأتوبيس وسائق التريلا , صحيح هناك مسئولية ولكن المسئولية الأكبر تقع في المقام الأول علي من جعل هذا السائق أو ذاك يقود مثل هذه السيارات علي الطريق دون تأهيل أو دراسة , ثم من جعل إدارات المرور في مصر بهذا الترهل والفساد , أنه المشرع الذي أصدر قانونا غابت عن نصوصه كيفية تأهيل السائق وتعليمه وتوقيع الجزاء الرادع في حالة مخالفته للقواعد والأصول المرعية وليس بسحب رخصة تعود لجيب السائق بعد دفع "المعلوم" تحت الترابيزة.

إن المشرع الذي وضع قانون المرور المترهل أغفل وضع نظام النقاط علي الرخصة والمعمول به في كل دول العالم وهو عبارة عن رصيد إفتتاحي قدره 12 نقطة في حساب الرخصة وعند إرتكاب السائق مخالفة من المخالفات يخصم من هذا الرصيد عددا من النقض يختلف مقداره من مخالفة لأخري حسب جسامة المخالفة وأقلها نقطتين علي الرخصة وتصل إلي 6 نقاط في بعض المخالفات كمخالفة عبور مزلقان رغم أجراس التنبيه التي تلزم السائق بالتوقف.

هذا بالإضافة إلي تعرض السائق المخالف لغرامة مالية تصل إلي 1500 دولار والسجن لمدد مختلفة كما هو متبع في ولاية نيويورك بالولايات المتحدة, المهم عند نفاذ رصيد الأثني عشرة نقطة أو قبلها بنقطة توقف الرخصة ولا يستطيع السائق قيادة سيارة إلا بعد فترة زمنية طويلة يبدأ فيها بالتأهل والدراسة من جديد ويمر خلالها بإختبارات قاسية.

ليس هذا فحسب بل يتعرض المخالف لعقوبات أخري من قبل شركات التأمين تتمثل في رفع القيمة التأمينية ضد المسئولة المدنية (أي التعويضات التي تصرفها شركات التأمين عند حدوث إصابات أو فاه) تصل لمبالغ باهظة وفي حلة التكرار لا يجد السائق شركة تأمين واحدة تمنحه كارت التأمين وهو أهم وثيقة لتسجيل أي سيارة في أي ولاية من الولايات الأمريكية.

ذكرت قانون المرور في أمريكا لأني عايشته أثناء إقامتي في ولاية نيويورك التي أمتدت لقرابة عشرين عاما , ولحصولي علي رخصة قيادة خاصة هناك درست كتابا توزعه إدارات المرور مجانا , هذا الكتاب يتضمن فصولا متعددة 
تصب في النهاية في خلق سائق متفهم واعي علي دراية كاملة بما يجب إتباعة وما يجب تجنبه لدرء المخاطر وتجنب الحوادث بقدر كبير , بعد دراسة هذا الكتاب يتقدم طالب الرخصة للإمتحان التحريري ولا يجتاز هذا الإمتحان إلا بحصولة علي حد أدني قدره 85% , بعد ذلك عليه الذهاب إلي مدرسة من مدارس تعليم القيادة وحضور 6 ساعات شرح بأساليب حديثة لكل ما يعن السائق أثناء سيره وكيفية التعامل مع الظروف الطارئة كالمطر أو الثلوج أثناء القيادة , وبعد هذه الدراسة يحصل علي شهادة هي وثيقة من وثائق الحصول علي الرخصة ونأتي إلي المرحلة الأخيرة وهي الإختبار الحي أي القيادة علي الطريق بصحية أحد الممتحنين الذي قد ينجحك أو يسقطك في هذا الإختبار , وفي حالة عدم إجتيازك لهذا الإختبار لك فرصة إعادة بعد فترة تحدد لك من قبل إدارة المرور.

أين هذا كله من المعمول به لدينا؟ .. أننا نقتل أبناءنا بغبائنا وبأيدينا , ولن يتوقف نزيف الدم علي الأسفلت إلا إذا أتبعنا النظم المعمول بها في الدول المحترمة والضرب بيد من حديد علي كل فاسد أو مرتشي يقبل رشوة في سبيل تسهيل الحصول علي رخصة قيادة لمن لا يستحق , وفي هذا شأنه كشأن الذي يسهل للآخر الحصول علي سلاح آلي أو أي سلاح آخر ليقتل به الأبرياء من أبناء الوطن.