بحث داخل الموقع

فبراير 14، 2015

اللوكيميا عند الأطفال .. التعريف بها وأسبابها وأعراضها وطرق العلاج

تمثِّل اللوكيميا أو ابيِضاضُ الدَّم سرطاناً على حساب خلايا الدَّمِ البيضاء. تساعدُ خلايا الدَّمُ البيضاء الجسمَ على محاربة العدوى، حيث تتشكَّلُ خلايا الدَّم في نقيِّ العظام، ولكنَّ نقيَّ العظام يُنتج في حال الإصابة بابيضاض الدم خلايا دمٍّ بيضاءَ غير سويَّة، تُزاحم هذه الخلايا خلايا الدَّم السويَّة ممَّا يجعلُ من الصعبِ عليها أن تقومَ بعملِها. 

هناك أنواعٌ مختلفة من ابيضاض الدم، ومن هذه الأنواع: 

• ابيِضاض الدَّم اللِّمفاويُّ الحادُّ. 

• ابيِضاض الدَّم النِّقوي الحادُّ. 

• ابيِضاض الدَّم اللِّمفاويُّ المزمن. 

• ابيِضاض الدَّم النقويُّ المزمن. 

يُمكنُ أن يظهر ابيضاضُ الدم بسرعةٍ أو ببطءٍ؛ فالابيضاضاتُ المزمنةُ تترقَّى ببطءٍ، بينما تكون الخلايا شاذَّةً جداً وتتزايدُ أعدادُها بسرعة كبيرة في الابيضاضات الحادَّة. يُمكن أن يُصاب البالغون بأيٍّ من النوعين، أمَّا الأطفالُ الصغار فغالباً ما تكون إصابتُهم بالابيضاضات الحادَّة. وتكون بعضُ أنواع ابيضاض الدم قابلةً للشفاء غالباً، أمَّا الأنواعُ الأخرى فمن الصعب أن تشفى، ولكن يُمكن السيطرةُ عليها. قد تتضمَّنُ المعالجة اللجوءَ إلى المعالجة الكيميائية والشُّعاعية وزرع الخلايا الجِذعيَّة، وقد يحتاجُ المريضُ إلى مُتابعة العلاج حتَّى لو اختفت الأعراضُ وذلك لمنعِ الانتكاس. 

مُقدِّمة
ابيضاضُ الدم (أو اللوكيميا) هو اسمٌ يُطلَق على مجموعة من سرطانات الدم؛ حيث يُشخِّص الأطبَّاء آلاف الإصابات بابيضاض الدم عند الأطفال كلِّ سنة. 

هناك أنواعٌ مختلفة من ابيضاض الدم، ولكلِّ نوع عدَّة خيارات للمعالجة. 

يشرح هذا البرنامجُ التثقيفي ما هو ابيضاض الدم، ويستعرض أسبابَه وأعراضه وتشخيصه وسبل معالجته. 

السَّرطان
يتألَّف الجسمُ من خلايا بالغة الصغر. 
تنمو الخلايا الطبيعيَّة في الجسم، وتموت وفقَ آليَّة مضبوطة. 
تواصل الخلايا انقسامَها ونموَّها أحياناً، وتخرج عن السيطرة الطبيعية، ممَّا يسبِّب نمواً شاذاً يُدعى الورم. 

يدعى الورمُ حميداً، أي غير سرطانيٍّ إذا كان لا يهاجم الأنسجة المجاورة وأجزاء الجسم الأخرى. ولا تشكِّل الأورامُ الحميدة في العادة خطراً على حياة المريض. 

أمَّا إذا كان الورمُ يغزو الخلايا المجاورة ويدمِّرها، فإنَّه يُدعى ورماً خبيثاً أو سرطاناً. ويمكن أن يُشكِّل السرطانُ خطراً على الحياة في بعض الأحيان. 

تنتشرُ الخلايا السرطانية إلى مختلف أنحاء الجسم أحياناً، عبر الأوعية الدموية والقنوات "الأوعية" اللِّمْفِيَّة. 

اللِّمفُ سائلٌ شفَّاف يُنتجه الجسم، وهو يقوم بتخليص الخلايا من الفضلات؛ وهو يسير عبر أوعية خاصَّة به وبنى تشبه حبَّات الفاصوليا تُدعى العُقدَ اللمفية. 

الهدفُ من الأدوية السرطانية هو قتلُ الخلايا السرطانية أو السيطرة على تكاثرها الشاذِّ.

تُُسمَّى السرطاناتُ اعتماداً على المكان الذي بدأ ظهورُها فيه، حيث يُسمَّى السرطانُ الذي يبدأ في البنكرياس مثلاً سرطانَ البنكرياس، حتى إذا انتشرَ إلى أماكن أخرى في الجسم. 

يستطيع الأطبَّاء تحديدَ المكان الذي بدأ فيه السرطان، إلاَّ أنَّهم لا يستطيعون معرفةَ سبب السرطان في كلِّ حالة بعينها دائماً. 

تحتوي الخلايا على مواد وراثية أو جينية تُدعى الكروموسومات أو الصِّبغيَّات، وهي تسيطر على تكاثر الخلايا. 

يبدأ السرطانُ دائماً من تغيُّرات تطرأ على الكروموسومات. وعندما تُصاب كروموسومات الخلية بحالة شذوذ، يمكن أن تفقد الخليةُ قدرتَها على ضبط تكاثرها. 

يمكن أن تحدث تغيُّراتٌ مفاجئة في المادَّة الوراثية، وذلك لأسباب عديدة. وتكون أسبابُ بعض هذه التغيُّرات وراثية أحياناً. 

يمكن أن تحدث التغيُّرات في الكروموسومات بسبب التعرُّض للعدوى أو الأدوية أو التبغ أو العناصر الكيميائيَّة أو غيرها من العوامل. وفي حالة سرطان الجلد، تكون أشعَّةُ الشمس هي المسؤولة عن تغيُّر الكروموسومات الذي يؤدِّي إلى السرطان. 

اللوكيميا
ابيضاضُ الدم هو سرطانٌ على حساب خلايا الدم؛ حيث يتألَّف الدمُ الطبيعي من سائل، يُدعى المَصْل، ومن ثلاثة أنواع من الخلايا:
خلايا الدم البيضاء (الكريَّات البيض).
خلايا الدم الحمراء (الكريَّات الحمر).
الصُفَيْحَات.

تساعد خلايا الدم البيضاء، وتُدعى الكريَّات البيض أيضاً، الجسمَ على مكافحة العدوى والأمراض. 

تحمل خلايا الدم الحمراء، وتُدعى الكريَّات الحمر أيضاً، الأكسجين من الرئتين إلى أنسجة الجسم؛ وهي تنقل ثاني أكسيد الكربون من الأنسجة إلى الرئتين. وتعطي خلايا الدم الحمراء الدمَ لونَه الأحمر. 

تساعد الصُفَيحات الدمويَّة الدمَ على التخثُّر حين يُصاب المرء بجرح، حيث يسيطر الجسمُ على النزف عن طريق تخثُّر الدم الذي يوقفه، ويمنع فقدان المصاب كمِّيةً كبيرة من الدم. 

تتشكَّل خلايا الدم في لبِّ العظم الذي يتَّصف بقوام إسفنجي طري، وهو يُدعى نقي العظام (أو نخاع العظم). وتُدعى خلايا الدم الجديدة التي لم يكتمل تكوُّنُها الاَرُومات. تبقى بعضُ الأرومات في نقي العظم حتَّى يكتمل نضجها، في حين ينتقل البعضُ الآخر إلى أجزاء أخرى من الجسم كي تنضجَ فيها. 

يتمُّ إنتاجُ خلايا الدم في الحالة الطبيعية بطريقة مضبوطة وبالكمِّية اللازمة للجسم. وتساعدنا هذه العمليةُ على البقاء في صحَّة جيِّدة. 

يُنتج الجسمُ، حين يُصاب المرءُ بابيضاض الدم، أعداداً كبيرة من خلايا الدم البيضاء الشاذَّة. 

يكون شكلُ خلايا ابيضاض الدم مختلفاً عن شكل خلايا الدم البيضاء الطبيعية عادة؛ كما أنَّها لا تقوم بوظيفتها على نحوٍ صَحيح. 

لا يزال سببُ حدوث ابيضاض الدم غيرَ معروف حتَّى الآن؛ لكنَّ الباحثين اكتشفوا أنَّ هناك عوامل خطورة تزيد من خطر إصابة الشخص بابيضاض الدم. 

يتميَّز ابيضاضُ الدم عموماً بسرعة تطوُّره، وبسرعة تدهور حالة المريض؛ ففي ابيضاض الدم الحاد، يتدهور وضعُ المريض بسرعة. أمَّا في ابيضاض الدم المزمن، فيتدهور وضعُ المريض على نحو تدريجي. 

كما يمكن تصنيفُ ابيضاض الدم أيضاً حسب نوع الكريَّات البيض المُصابة. ومن الأمثلة على ذلك: ابيضاض الدم اللمفاوي وابيضاض الدم النِّقوي. 

إنَّ أنواعَ ابيضاض الدم التي تُصيب الأطفالَ هي الأنواع الحادَّة غالباً. أمَّا الأنواعُ المُزمنة فإنّها تميل إلى إصابة البالغين. 

أعراض اللوكيميا
تكونُ خلايا ابيضاض الدم شاذَّة، أي غير طبيعية، ولا تستطيع بذلك أن تقومَ بوظيفة خلايا الدم الطبيعية. فهي لا تستطيع أن تساعدَ الجسم على مقاومة العدوى. لذلك يعاني مرضى ابيضاض الدم كثيراً من العدوى والحمَّى. 

يُعاني المُصاب بابيضاض الدم غالباً من نقص في عدد الصُفيحات والكرَيَّات الحمر السليمة. وبذلك فإنَّ الجسم لا يتلقَّى حاجتَه من الأكسجين. 

عندما لا يكون هناك عددٌ كافٍ من الكريَّات الحمر، يكون المريض مصاباً بحالة تُدعى فقرَ الدم، فيبدو شاحبَ اللون، ويشعر بالوهن والتعب. كما يؤدِّي نقصُ الصفيحات إلى إصابة المريض بالنزف والكدمات بسهولة. 

من الأعراض المعروفة لابيضاض الدم:
الحمَّى والقشعريرة.

الوهن والتعب.
العدوى المتكرِّرة.
نقص الوزن.
ضخامة العقد اللمفية وتألُّم المريض عند لمسها.
سهولة النزف والإصابة بالكدمات.

ومن الأعراض الأخرى لابيضاض الدم:
ظهور بُقَع حمراء صغيرة تحت الجلد تُسمَّى الحَبَرات، وذلك بسبب الميل غير الطبيعي للنزف.
ضخامة اللثة وميلها للنزف.
التعرُّق، ولاسيَّما في الليل.
ألم في العظام أو المفاصل.

تتجوَّل خلايا ابيضاض الدم في الجسم مثل كلِّ خلايا الدم الأخرى. وتتباين الأعراضُ التي يمكن أن يشعر بها المريضُ المصاب بابيضاض الدم حسب مكان تراكم هذه الخلايا في جسمه. 

إذا تراكمت خلايا ابيضاض الدم في الدماغ أو النُّخاع الشوكي، فقد تكون الأعراض هي الصداع والتقيُّؤ واضطراب الوعي وضعف السيطرة على العضلات ونوبات الاختلاج (التشنُّجات). 

كما تُصاب الخصيتان بالتورُّم إذا تراكمت خلايا ابيضاض الدم فيهما. 

تظهر لدى بعض المرضى تقرُّحاتٌ في العينين أو على الجلد. كما يمكن أن يؤثِّر ابيضاضُ الدم أيضاً في جهاز الهضم والكليتين والرئتين وغير ذلك من أجزاء الجسم. 

تشخيص اللوكيميا
من أجل تشخيص ابيضاض الدم، يأخذ الطبيبُ كلَّ تفاصيل حالة المريض، ويُجري له فحصاً سريرياً (إكلينيكياً) شاملاً. 

تعدُّ اختباراتُ الدم مفيدة في تشخيص ابيضاض الدم أيضاً. كما تتمُّ دراسةُ عيِّنة من الدم تحت المجهر لرؤية شكل خلايا الدم، وتحديد عدد الخلايا الناضجة والأرومات. 

مع أنَّ اختبارات الدم يمكن أن تكشفَ عن وجود ابيضاض الدم، إلاَّ أنَّها لا تحدِّد نوعه. 

ومن أجل إجراء مزيد من الدراسة على خلايا ابيضاض الدم، أو تحديد نوع ابيضاض الدم، يقوم اختصاصيُّ أمراض الدم أو الأورام أو التشريح المرضي بدراسة عيِّنة من نقي العظم تحت المجهر. 

بعدُّ رَشفُ نقي العظم أحدَ طرق الحصول على عيِّنة من نقي العظم، حيث يُدخل الطبيبُ إبرة في أحد العظام الكبيرة، وهو عظمُ الورك عادةً، ويأخذ كمِّية صغيرة من نقي العظم السائل. 

كما أن خَزعةَ نقي العظم هي طريقة أخرى للحصول على عيِّنة من نقي العظم؛ وهي تتمُّ باستخدام إبرة كبيرة تُؤخذ بواسطتها قطعةٌ صغيرة من العظم ومن نقي العظم. 

إذا تمَّ اكتشافُ خلايا ابيضاض الدم في عيِّنة نقي العظم، يطلب الطبيبُ إجراءَ المزيد من الاختبارات لمعرفة مدى انتشار المرض. ويتحرَّى بزل النُّخاع الشوكي خلايا ابيضاض الدم في السائل حول الدِّماغ والنُّخاع الشوكي. 

يمكن أن تكشف الصورةُ الشُّعاعية البسيطة للصدر علامات ابيضاض الدم في الصدر. 

علاج اللوكيميا
تعدُّ معالجةُ ابيضاض الدم أمراً مُعقَّداً. وتختلف المعالجةُ باختلاف المرضى، وبحسب نوع ابيضاض الدم، وهي ليست واحدة لجميع المرضى. 

يعتمد علاجُ ابيضاض الدم على:
نوعه.
مدى انتشاره.
ما إذا كان قد عولج من قبل أم لا.
عمر المريض، والأعراض الظاهرة عليه، وحالته الصحِّية العامَّة.

يجب البدءُ فوراً بمعالجة ابيضاض الدم الحاد. حيث يكون الهدفُ الرئيسيُّ من العلاج هو وقف تقدُّم المرض. كما يُسمّى هُجوع المرض أيضاً. 

والهدفُ الآخر لمعالجة ابيضاض الدم هو منع عودته أو منع نُكسه. ويمكن شفاءُ الكثير من مرضى ابيضاض الدم الحاد. 

يُعالج معظمُ مرضى ابيضاض الدم بالمعالجة الكيميائيَّة. ويمكن أن يخضع المريض لواحد أو أكثر من العلاجات التالية:
المعالجة الإشعاعية.
زرع نقي العظم.
المعالجة الحيوية.
استئصال الطحال.

يشارك الكثيرُ من مرضى ابيضاض الدم في إجراء التجارب السريرية. وتهدف هذه التجاربُ إلى اختبار مدى أمان وفعَّالية أيِّ علاج جديد. ويعتقد الأطبَّاء عادةً أنَّ هذه العلاجات لا تقلُّ فعَّاليةً عن أفضل العلاجات المتوفِّرة، إن لم تكن أفضلَ منها. 

من الصعب ضبطُ المعالجة بحيث يقتصر تأثيرُها على قتل خلايا ابيضاض الدم وحدها؛ فالعلاجُ يسبِّب آثاراً جانبية، لأنَّه يقتل الأنسجة والخلايا السليمة أيضاً. 

تختلف الآثارُ الجانبية لمعالجة السرطان حسب نوع العلاج ومدَّته، كما أنَّ لكلِّ مريض ردَّة فعل مختلفة على العلاج. 

يمكن أن تختلف الآثارُ الجانبية من علاج لآخر. ولكن، يحاول الأطبَّاء وضعَ خطَّة المعالجة لكلِّ مريض على حِدَة، بحيث تبقى الآثارُ الجانبية في حَدِّها الأدنى. 

يعالج الأطبَّاءُ الأعراضَ والمضاعفات الناجمة عن ابيضاض الدم، فضلاً عن قتل الخلايا السرطانية؛ فعلى سبيل المثال:
تُعالج العدوى بإعطاء المضادَّات الحيوية عادة.

وقد يُعالج النزفُ عن طريق نقل الدم.

كما يُعالج نقصُ الشهية من خلال وضع برنامج غذائي مُناسب للمريض.

ويمكن أن يستفيدَ مرضى ابيضاض الدم أيضاً من:
الابتعاد عن الناس المصابين بالزُّكام وبغيره من الأمراض المُعدية.
التغذية الجيِّدة.
العناية الجيِّدة بالأسنان وبالصحَّة العامة للجسم قبل المعالجة وبعدها.

العلاج الكيماوي للوكيميا
تقومُ المعالجةُ الكيميائيَّة على استخدام الأدوية لقتل الخلايا السرطانية. وبحسب نوع ابيضاض الدم، يُمكن أن يتناول المريضُ دواءً واحداً أو مزيجاً من دوائين أو أكثر. 

يُمكن تناولُ بعض الأدوية المضادَّة للسرطان عن طريق الفم؛ ولكنَّ معظمَ هذه الأدوية يُعطى عن طريق الوريد؛ وهذا ما يُسمَّى الحَقن الوريدي. 

تدخل الأدويةُ المضادَّة للسرطان إلى مجرى الدم، وتهاجم خلايا ابيضاض الدم في معظم أجزاء الجسم. 

ولكنَّ الأدوية لا تصل في أغلب الأحيان إلى الدماغ والنُّخاع الشوكي، لأنها لا تستطيع عبور الحاجز الواقي الذي يقوم بتصفية الدم القادم إلى الدماغ والنُّخاع الشوكي. ويُدعى هذا الحاجزُ باسم الحاجز الدماغي الدموي. 

يستخدم الأطبَّاءُ المعالجةَ الكيميائية داخل القِراب (القرابُ هو الحيِّز أو الفراغ تحت الغشاء العنكبوتي للدّماغ أو النُّخاع) من أجل الوصول إلى خلايا ابيضاض الدم في الجهاز العصبي المركزي، حيث تُحقَن الأدويةُ المضادَّة للسرطان حقناً مباشراً في السائل الدماغي الشوكي الذي يحيط بالدماغ والنخاع الشوكي. 

يمكن إعطاءُ العلاج الكيميائي داخل القِراب عن طريق الحقن في الجزء السفلي من العمود الفقري. كما يمكن إعطاؤه أيضاً بواسطة أداة خاصَّة توضَع تحت جلد الرأس، وتُزَوَّدُ بقثطار تصل إلى السائل الدماغي الشوكي في مركز الدماغ. 

يجري إعطاءُ العلاج الكيميائي على شكل أشواط: جلسةُ معالجة تتبعها فترةُ نقاهة، ثمَّ جلسة أخرى، وهكذا. 

يمكن إعطاءُ العلاج الكيميائي في المستشفى أو في عيادة الطبيب أو في البيت؛ وهذا يتعلَّق بنوع الأدوية المستخدَمة وبالحالة الصحِّية العامَّة للمريض. 

تختفي معظمُ الآثار الجانبية اختفاءً تدريجياً خلال فترة النقاهة بين جلستي المعالجة الكيميائية أو بعد وقف المعالجة. 

يمكن أن تؤثِّر بعضُ أدوية السرطان في خصوبة المريض. كما يمكن أن تضطرب الدورةُ الطمثيَّة عند المرأة أو تتوقَّف؛ وقد تظهر عند النساء أعراضُ سنِّ الإياس، مثل الهبَّات الساخنة وجفاف المهبل. 

بما أنَّ بعضَ الأدوية يمكن أن تسبِّب تشوُّهات عند المواليد، فإنَّ على النساء في عمر الحمل والنساء النشيطات جنسياً أن يستخدمن حبوب منع الحمل. 

يمكن أن يتوقَّف إنتاجُ النطاف عند الرجل. وبما أنَّ هذه التغيُّرات يمكن أن تكون دائمة، فقد يفضِّل الرجلُ تجميدَ بعض سائله المنوي وتخزين كمِّية منه. 

العلاج الشعاعي للوكيميا
يجري استخدامُ المعالجة بالأشعَّة مع المعالجة الكيميائية في بعض أنواع ابيضاض الدم؛ حيث إنَّ المعالجة بالأشعَّة، وتُدعى المعالجة الشعاعية أيضاً، تستخدِم أشعَّةً عالية الطاقة لإتلاف الخلايا السرطانية وإيقاف نموِّها؛ وتصدر هذه الأشعَّةُ عن آلة كبيرة. 

يمكن تطبيقُ المعالجة بالأشعَّة في حالة ابيضاض الدم باستخدام طريقة من اثنتين: يمكن أن يوجِّه الطبيبُ الأشعَّة عند بعض المرضى إلى منطقة محدَّدة من الجسم، حيث توجد خلايا ابيضاض الدم، مثل الطحال أو الخُصيتين. 

وهناك مرضى يُمكن أن يتلقَّوا الإشعاعَ على كامل الجسم. ويُدعى هذا النوعُ من المعالجة الشعاعية تشعيعَ كامل الجسم، ويتمُّ تطبيقُه قبل زرع نقي العظم عادة. 

يمكن أن يشعرَ المرضى الخاضعون للمعالجة الشعاعية بالإرهاق. لذلك، فالراحةُ ضرورية، ولكنَّ الأطبَّاء يوصون بأن يتحرَّك المريض بالقدر الممكن عادة. 

يتساقط شعرُ المريض عند توجيه الأشعَّة إلى الرأس غالباً. ويمكن أن تؤدِّي الأشعَّة إلى جعل فروة الرأس أو بَشَرة فروة الرأس في المنطقة المعالَجة حمراءَ وجافَّةً وحسَّاسة وحاكَّة. 

يشرح الطبيبُ للمريض كيفيةَ المحافظة على نظافة الجلد خلال المعالجة بالأشعَّة. وينبغي عدمُ وضع أيِّ دهون أو غَسُول على المنطقة المعالَجة من دون استشارة الطبيب. 

كما يمكن أن تسبِّب المعالجةُ بالأشعَّة الغثيان والتقيُّؤ وفقدان الشهية أيضاً؛ لكنَّ هذه الآثار الجانبية مؤقَّتة. ويمكن للأطبَّاء والممرضات أن يعلِّموا المريضَ طرقاً للتخفيف منها ريثما تنتهي المعالجة. ولكنَّ بعضَ الآثار الجانبية للمعالجة بالأشعَّة قد تستمرُّ زمناً طويلاً. 

قد يعاني الأطفالُ الصغار الذين يتلقَّون علاجاً إشعاعياً على الرأس من مشاكل في التعلُّم والتناسق. ولهذا السبب، يستخدم الأطبَّاء أقلَّ كمِّية ممكنة من الأشعَّة، ولا يستخدمون هذا النوع من المعالجة إلاَّ مع الأطفال الذين لا مجال لنجاح معالجتهم عن طريق المعالجة الكيميائية وحدها. 

من المرجَّح أن يكونَ للمعالجة الشعاعية على الخُصيتين أثرٌ سلبي على الخصوبة وإنتاج الهرمونات؛ فمعظمُ الذكور الذين يتعرَّضون لهذا النوع من العلاج يفقدون قدرتَهم على الإنجاب؛ وقد يحتاج بعضهم إلى تعويض الهرمونات عن طريق الأدوية. 

زرع نقيِّ العظم
يمكن اللجوءُ إلى زراعة نقي العظم عند بعض المرضى، حيث يتمُّ إتلاف نقيِّ العظم الذي يولِّد ابيضاض الدم عند المريض باستخدام جرعات عالية من الأدوية والأشعَّة؛ ويُوضَع مكانه نقيُّ عظمٍ سليم بعد ذلك. 

يمكن أخذُ نقي العظم السليم من شخصٍ آخر (أي مانح)، أو يمكن أخذه من المريض نفسه قبل المعالجة بالجرعة العالية. وإذا استخدمنا نقي عظم المريض نفسه، فلابدَّ من معالجته خارج الجسم لتخليصه من خلايا ابيضاض الدم. 

يحتاج المرضى الذين يتمُّ علاجُهم بزرع نقي العظم إلى البقاء في المستشفى عدَّةَ أسابيع عادةً. ولابدَّ من حماية المريض من العدوى ريثما يبدأ نقيُّ العظم المزروع بإنتاج ما يكفي من الكريَّات البيض لحماية الجسم من العدوى. 

يُواجه المرضى الذين خضعوا لعملية زرع نقي العظم خطراً مُتزايداً من العدوى والنزف، وغيرهما من الآثار الجانبية للمعالجة الكيميائية والشعاعية. 

يمكن أن يحدثَ عدمُ توافق بين نقي العظم المزروع وبين أنسجة جسم المريض؛ وهذا ما يُعرف باسم "داء الطعم حيال المُضيف". وقد يكون هذا الداءُ خفيفاً أو شديداً للغاية، ويمكن أن يحدثَ في أيِّ وقت بعد زرع نقي العظم. 

الخُلاصة
ابيضاضُ الدم هو نوع مألوف من أنواع سرطان الدم. وهناك أنواع مختلفة من ابيضاض الدم، وكلُّ نوع منها يتطلَّب معالجة مختلفة. 

لقد تحسَّنت معالجةُ ابيضاض الدم بشكل كبير في السنوات العشر أو العشرين الماضية، وذلك بفضل المنجزات الطبِّية الحديثة، وهذا ما أدَّى إلى الكثير من حالات الشفاء وإلى إطالة أمد البقاء على قيد الحياة! 

المصدر: موسوعة الملك عبد الله للمحتوي الصحي