بحث داخل الموقع

أبريل 21، 2015

مع الكاتب المفكر: عبد المنعم الخن حلقة 34 - الأحاديث والروايات المكذوبة في كتب التراث ج 34

حديث الجماع بغير إنزال
أخرجه مسلم برقم ( 272 جز1 ): من طريق ابن وهب، قال: أخبرني عياض بن عبد الله عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله عن أم كلثوم عن عائشة زوج النبي قالت: إن رجلاً سأل رسول الله عن الرجل يجامع أهله ثم يكسل، هل عليهما الغسل؟ وعائشة جالسة، فقال رسول الله: «إني لأفعل ذلك أنا وهذه ( يقصد عائشة ) ، ثم نغتسل».


.
هذا الحديث أخرجه مسلم في الشواهد في آخر الباب، فلا يقال أن مسلماً قد صححه , بل هو منكَر المتن، مُعَلّ الإسناد. وهو معارضٌ صريحٌ لحديثٍ آخر في صحيح مسلم: «إن من أشرّ الناس عند الله منزلةً يوم القيامة: الرّجُل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه، ثم ينشر سرها».
.
وأما إسناده ففيه عدة علل منها: أن فيه أبي جابر المدلّس المشهور، قد رواه عن جابر دون أن يصرح بالتحديث في أيٍّ من طرق الحديث. وفيه عياض بن عبد الله بن عبد الرحمن القرشي الفهري، وهو متروك. قال ابن حجر في التقريب: «فيه لين». وقال أبو حاتم: «ليس بالقوي». و قال الساجي: «روى عنه ابن وهب أحاديث فيها نظر» , وهذا الحديث الباطل منها. وذكره العقيلي في ضعفائه (#1382). و قال يحيى بن معين: «ضعيف الحديث». وهذا معناه متروك باصطلاح ابن معين. وقال أبو صالح: «ثبت (!) له بالمدينة شأن كبير، في حديثه شيء». و قال البخاري: «منكر الحديث». وهذا معناه
باصطلاح البخاري: متروك لا تحل الرواية عنه. وهذا كله يوجب أن هذا أقل ما فيه أنه ضعيف لا يحتج به.
.
وهذا الحديث أخرجه الألباني في سلسلته الضعيفة (2|406)، وقال: «ضعيفٌ مرفوعاً». يقصد أن هذا المعنى قد أتى من وجهٍ آخر (كما سيأتي) لكن ليس بهذا اللفظ الباطل. وله شاهدٌ ضعيف بلفظ: «فعلته أنا ورسول الله فاغتسلنا منه جميعاً». وقد بيّن الدارقطني في سننه (1|111) أن هذا الحديث باطلٌ مرفوعاً , والمعنى الذي قصده الألباني ما قد روى مالك في الموطأ (1|46): عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب عن أمنا عائشة موقوفاً من قولها لأبي موسى الأشعري: «إذا جاوز الختان الختان فقد وجب الغسل». ورواه مسلم (#349) عن محمد بن المثنى عن عبد
الأعلى عن هشام بن حسان عن حميد بن هلال عن أبي بردة عن أبي موسى عن أمنا عائشة قالت: قال رسول الله: «إذا جلس بين شعبها الأربع، ومس الختان الختان، فقد وجب الغسل».
.
فقد اختلف الوقف والرفع. وإسناد مالك الموقوف أقوى، لكن يخشى أن يكون مالك قد وقفه عمداً. وفي كل الأحوال فهذا حكمه حكم الرفع، لأن أمنا عائشة لم تعرف رجلاً إلا رسول الله وهي لا تخبر بالوجوب إلا بإخبار عنه . لكن لفظ موطأ مالك مقدم على لفظ صحيح مسلم، والله أعلم.