بحث داخل الموقع

مارس 28، 2015

مع الكاتب المفكر: عبد المنعم الخن حلقة 12 - الأحاديث والروايات المكذوبة في كتب التراث ج 12

هذه الحلقة مخصصة للتعريف بعلم الرجال بعد أن أنتهينا في الحلقات القليلة الماضية من تعريف وشرح ميسر لعلم الحديث كعلم "أم" وتناولنا في حلقة الأمس
(حلقة 11) شرح مختصر لعلم الجرح والتعديل , وفي هذه الحلقة سأتناول بالتعريف والشرح علم الرجال , وهو علم أعمق من علم الجرح والتعديل إذ هو منبثق منه أو هو فرع منه حيث يدور حول صف الراوي بما يرد روايته أو يضعفها وأوضحت أن مفهوم التعديل هو التقويم والتصحيح وأستعمل في المعنويات بمعني الثناء علي الشخص يما يدل علي وصف الراوي بما يقتضي قبول روايته.


علم الرجال كثير الشبه بعلم الجرح والتعديل بل يكاد يكون هو ذاته إلا أنه أشمل وأعم من علم الجرح والتعديل , فعلم الرجال يبحث في السيرة الذاتية للراوي من حيث أحواله ومن حيث اتصافه بشروط نقل الحديث أو الخبر أو الرواية كي يكون مصدقا من عدمه , كذلك شرط التحقق ممن أخبر بالحديث أولا وصحة الحديث ذاته أو الخبر أو الرواية. 

ففيما يتعلق بمخبر الحديث يبحث علم الرجال عما إذا كان عدل أو فاسق وحقيقة لاقي فلانا أو لم يلاقيه , وقيل في تعريفه أيضا: هو علم وضع لتشخيص رواة الحديث ، ذاتا ووصفا، ومدحا وقدحا , و قيل أيضا هو علم يدرس سير رواة الأحاديث النبوية ليتم الحكم على سندها إذا كان صحيحا أو حسنا أو ضعيفا أو موضوعا ( كأن يكون أحدا من الناس قد وضعه). 

لا يخفى على من كان له أدنى اطلاع على مسار استنباط الأحكام الشرعية أهمية علم الرجال ومقدار تدخله في استنباط الأحكام الشرعية ولا يمكن لأي فقيه أن يستغني عن علم الرجال. 

وللإستدلال على ثبوت حكم شرعي يتوقف على إثبات أمرين :
1- إثبات حجية الخبر الواحد 
2- إثبات حجية ظواهر الروايات 

ليس كل حديث أو خبر من راو هو حجة أو ثقة وإنما يلزم الرجوع إلي علم الرجال ومعرفة أحوالهم وتميزهم بالثقة فيما يرون للوقوف علي الصحيح من الضعيف وهذا يحتاج إلى جهد كبير وتتبع تام لترجيح أحد الأقوال أو تركها.

إن حملة الأحاديث وحفظة السنن الذين كانوا معاصرين للنبي صلى الله عليه وسلم كزوجاته وصحابته وبعض التابعين الذي لحقوا الرسول فإنهم يرجعون إليهم فيتكلمون معهم ويناقشونهم بغرض التأكد من صحة أخذهم تلك الأحاديث , وكذلك سؤالهم عندما يستشكلون في صحة الحديث ، وقد اهتم الأئمة واصحابهم بقدر ما إستطاعوا برواة الأحاديث والتمييز بين من يعتمد عليه ومن لا يعتمد عليه.

كان عدد رواة الأحاديث يزداد في كل سنة حتى وصلت إلي الآلاف, وقد اهتم أصحاب الأئمة والعلماء على مر التاريخ بذكر أسماء رواة الأحاديث وشرح أحوالهم وتوثيقهم أو جرحهم ، وتعيين أزمنتهم وتاريخ ولادتهم ومماتهم إلى غير ذلك بغرض التعريف بهم وكشف أحوالهم .

والي اللقاء في الحلقة القادمة التي سنعاود فيها كشف الأحاديث المكذوبة والمفتري به علي نبي الإسلام صلي الله عليه وسلم بقياسها علي الضابط القرآني والعقلي والأخلاقي , حيث كنت قد توقفت عن ذلك بسبب ما أرتأيته من ضرورة تخصيص بعض حلقات لشرح ما هو علم الحديث والعلوم الأخري المنبثقة عنه كما بينت في الحلقات الآربعة الأخيرة , كي يستبين للقاريء الكريم معرفة بعض المصطحات لهذا العلم والغاية منه , وأراكم علي خير في الحلقة القادمة إنشاء الله تعالي.