الحديث المكذوب والمفتري به علي رسول الله صلي الله عليه وسلم حديث "رضاعة الكبير". عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:
فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَرَى فِي وَجْهِ أَبِي حُذَيْفَةَ مِنْ دُخُولِ سَالِمٍ وَهُوَ حَلِيفُهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
أَرْضِعِيهِ قَالَتْ وَكَيْفَ أُرْضِعُهُ وَهُوَ رَجُلٌ كَبِيرٌ...؟!. فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: قَدْ عَلِمْتُ أَنَّهُ رَجُلٌ كَبِيرٌ}.
بداية إن جميع أحاديث [رضاعة الكبير] الواردة في جميع كُتب الحديث غير صحيحة بل ومدسوسة في هذه الكُتب للإساءة إلي دين الله الخاتم للبشرية كُلها... وإلي أشرف نساء العالمين. وأصبحت مادة للمواقع المعادية للإسلام علي الإنترنت.
هذا الحديث الذي ورد في كُتب التراث باطل وذلك لثلاثة أسباب:
السبب الأول: لأنها تُخالف القرآن الكريم فى قول الحق تبارك وتعالى:
]وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ.[(233)البقرة.
وأي روايات تُخالف النص القرآني باطلة حتى ولو وردت فى البخاري ومُسلم.
والسبب الثاني: لأن سند هذه الأحاديث مطعون فى بعض رجاله.فى جميع الروايات , وحادثة سالم وسهلة الواردة فى كُتب الحديث أسطورة من نسج خيال أعداء الإ سلام , للطعن فى السيدة عائشة رضي الله عنها.
ففى الحديث رقم: [3699] الذى رواه البخاري عن عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ: قال الدارقطني هو حديث مرسل , وقال بن أبي حاتم عن أبيه عروة بن الزبير عن علي مرسل وعن بشير والد النعمان مرسل.
وقال الدارقطني لا يصح سماعه من أبيه.
وقال بن حزم في كتاب الحدود من الأنصار أدرك عروة عمر بن الخطاب واعتمر معه هكذا قال وهو خطأ منه.)) [ تهذيب التهذيب ج: 7 ص: 165].والمرسل حديثه ضعيف.
وفى الحديث رقم: [4698] الذى رواه البخاري عن الزُّهْرِيِّ: وصفه الشافعي والدارقطني وغيرهما بالتدليس* [انظر كتاب طبقات المدلسين ( ج: 1 ص: 13.تحت رقم: [102]
وفى الحديث رقم: [2638] الذى رواه مُسلم عن عَبْدُ الرَّزَّاقِ قال عنه ابْنُ جُرَيْجٍ:الرتبة:يدلس ويرسل،وقال عنه: ابن حبان: ثقة يرسل ويدلس.
والسبب الثالث: توجد روايات تُكذب روايات رضاعة الكبير:ذكرها مالك:
فى النص الآتى: (قَالَ يَحْيَى و سَمِعْت مالك يَقُولُ:
(( الرَّضَاعَةُ قَلِيلُهَا وَكَثِيرُهَا إِذَا كَانَ فِي الْحَوْلَيْنِ تُحَرِّمُ فَأَمَّا مَا كَانَ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ فَإِنَّ قَلِيلَهُ وَكَثِيرَهُ لا يُحَرِّمُ شَيْئًا وَإِنَّمَا هُوَ بِمَنْزِلَةِ الطَّعَامِ.)). انظر الحديث رقم: [1112] الذى ذكره مالك فى كتابه الموطأ.وانفرد به.
بعد أن بينا عدم صحة الحديث للأسباب الثلاثة التي ذكرتها أضيف إلي ذلك أنه إذا وضعنا هذا الكلام الذي أفتري به علي رسول الإسلام صلي الله عليه وسلم , إذا وضعناه علي الرابط العقلي والإخلاقي نجده مرفوضا جملة وتفصيلا , لأن من ضمن شروط صحة الحديث ألا تكون ألفاظه غريبة أو شاذة , وهو بالقطع كذلك.
وهناك قواعد شاذة اخترعها أهل الحديث وعلى سبيل المثال وليس الحصر نذكر منها القاعدة التى تقول: [العقل لا يصلح للحكم على السنة] إن هذا القول والله لكارثة ومناقض
لأيات الله سبحانه والله يقول لنا فى القرآن الكريم:
{إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ.} 2يوسف.
{إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ.} 3الزخرف.
{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاء مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ}164البقرة.
{وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ.} 100يونس.
ومن المُحزن المُخجل المُبكي المُؤلم لنفس كُل مُسلم أن أهل الحديث يدافع بعضهم عن صحة هذه المرويات الفاسدة لمجرد تدوينها في صحيح البخاري وصحيح مسلم , وهو ما يطلق عليه علماء الحديث "متفق عليه".