بحث داخل الموقع

يناير 20، 2014

الحقوق والواجبات في الدستور المصري هل يمكن تحقيقها علي أرض الواقع؟


مقالة للكاتب/ عبد المنعم الخن

باب الحقوق والواجبات في الدستور المصري الذي تم إقراره مؤخرا بستفتاء شعبي وصلت نسبة المشاركة فيه 38.6% يتسم بنصوص رائعة وصياغة جميلة ولكن هل هذا يكفي؟ .. طبعا هذا لا يكفي لأنه إن لم تفعل هذه النصوص وتأخذ طريقها إلي التنفيذ العملي ويحس ويشعر بها المواطن علي أرض واقعه الذي أصفه بالأليم.

إن النصوص في أي دستور أو قانون تظل نصوصا علي ورق لا تسمن ولا تغني من جوع , ولكي يتم تفعيل هذه النصوص الجميلة وتفعيل القوانين التي تتولد عنها وتطبيقها بكل عزم وحسم لا بد أن يكون للحكومة التي يناط بها هذا التطبيق أو التنفيذ آليات وميزانيات مالية كبيرة إلي جانب عقول متفتحة ورغبة في النهوض بالأمة , وهذا ما سوف أتناوله في هذا المقال.

المادة رقم «9» من باب المقومات الأساسية للمجتمع الفصل الأول «المقومات الاجتماعية» التى تنص على أن «تلتزم الدولة بتحقيق تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين، دون تمييز». هذه المادة أتت مسبوقة بكلمة تلتزم وهذا حسن , ولكن لا أدري كيف تنفذ الدولة هذا الإلتزام وكلنا نعرف الثقافة المصرية في هذا الشأن والقائمة علي مبدأ الراشي والمرتشي في مجال التعيينات في الوظائف المختلفة في شركات البترول والبنوك وغيرها وكيف بتحقق تكافيء الفرص في التعليم وليس هناك تعليم أصلا والتعليم المتاح لمن يملك الأموال وكيف يكون تكافيء الفرص في الحصول علي شقق الإسكان الحكومي وكيف يكون تكافيء الفرص بين جميع المواطنين وهناك فئات مهمشة من المواطنين في النوبة وسيناء وقري ونجوع مصر لا يصلها أي نوع من التطوير والتحديث اللازمين للإحتياجات الأساسية , ورب قائل يقول أن الدستور الجديد يأسس لمرحلة مستقبلية , أقول له أحسنت ولكن المسألة هنا ليست مسألة أمكانيات وآليات مادية فقط بل المسألة هنا في المقام الأول مسألة فكر وقبول العقل المصري لفكرة تكافيء الفرص خصوصا وأن المواطن المصري تعود علي الإستحواذ بالفرص المتاحة بكافة الطرق غير الشرعية قبل الطرق الشرعية ويعتبرها مسألة "فهلوة" لا مسألة فكرية تنبع من مبدأ أخلاقية.

الدستور الجديد ينص في مادته 11 علي أن تكفل الدولة تحقيق المساواة بين المرأة والرجل فى جميع الحقوق المدنية والسياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية .. وكما قالوا أول القصيدة كفر , فإن هذه المادة وضعت كدكور لأن الدولة هنا تكفل ولا تلتزم وشتان بين الأثنين , ثم كيف تتحقق المساواة بين الرجل والمرأة في ظل مجتمع ضارب في الذكورية ويعتبرها عورة ولا ينظر إليها إلا من نصفها الأسفل.

المادة 17 تنص على أن «تكفل الدولة توفير خدمات التأمين الاجتماعى. ولكل مواطن لا يتمتع بنظام التأمين الاجتماعى الحق فى الضمان الاجتماعى، بما يضمن له حياة كريمة، إذا لم يكن قادرًا على إعالة نفسه وأسرته، وفى حالات العجز عن العمل والشيخوخة والبطالة» , وهنا ما زلنا في هذه المادة نتكلم عن تكفل .. ونغفل تلتزم , وسواء تكفل أو تلتزم فإننا أمام إستحالة تطبيق هذه المادة علي المدي المنظور والمتوسط علي الأقل وكيف يتسني هذا التطبيق ونسبة 40% من سكان مصر تحت خط الفقر المضجع , فهل في الدولة إمكانيات مالية لتنفيذ هذا الذي تكفله , طبعا لا وذلك من واقع تقرير البنك المركزي المصري فإن إجمالي الدين العام المحلي وصل إلى تريليون و527.4 مليارات جنيه بنهاية يونيو 2013 الماضى , أما الدين الخارجي فقد صل إلى 43.2 مليار دولار بنهاية يوينو الماضي أيضا, بينما وصل الناتج القومى لمصر حوالي 267 مليار دولار من نفس العام 2013 , أنه لأمر مدهش وقد تزيد دهشتكم إذا علمتم بأن نصيب المواطن الواحد من الدين، نحو 2,372 ألف دولار، أى نحو 14,232 ألف جنيه مصري.

وأخيرا ورغم هذه الصعاب التي سوف تواجهها مصر في تفعيل نصوص الدستور الجديد والقوانين التي سوف يصدرها البرلمان المصري القادم لتطبيق نصوص هذا الدستور الوليد علي أرض الواقع , أقول رغم كافة الصعاب فإننا ينبغي علينا التمسك بالأمل والعمل الجاد في كافة شئون الحياة والإخلاص فيه لتحقيق هذا الأمل المرتجي والرجاء المبتغي لنهضة مصر وإستفاقتها من عثرتها التي لن تدوم طويلا بإذن الله.