بحث داخل الموقع

أبريل 22، 2015

مع الكاتب المفكر: عبد المنعم الخن حلقة 36 - الأحاديث والروايات المكذوبة في كتب التراث ج 36

حديث خبر الثلاثة الأبرص والأعمي والأقرع

جاء في صحيح البخاري عن أبي هريرة برقم 3464 , وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة برقم 2964
نص الحديث:
(عن همام بن يحيى، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، حدثني عبد الرحمن بن أبي عمرة أن أبا هريرة حدثه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: « إن ثلاثة في بني إسرائيل: أبرص، وأعمى، وأقرع، بدا الله أن يبتليهم، فبعث الله إليهم ملكا، فأتى الأبرص فقال له: أي شيء أحب إليك؟
فقال: لون حسن وجلد حسن، قد قذرني الناس، قال: فمسحه فذهب عنه، فأعطي لونا حسنا وجلدا حسنا.

فقال: أي المال أحب إليك؟

قال: الإبل، أو: قال البقر - هو شك في ذلك أن الأبرص والأقرع قال أحدهما: الإبل، وقال الآخر: البقر - فأعطي ناقة عشراء، فقال: يبارك لك فيها.

قال: وأتى الأقرع فقال له: أي شيء أحب إليك؟

قال: شعر حسن، ويذهب عني هذا، قد قذرني الناس، فمسحه فذهب، وأعطي شعرا حسنا.

قال: فأي المال أحب إليك؟

قال: البقر، فأعطاه بقرة حاملا، وقال: يبارك لك فيها.

قال: وأتى الأعمى فقال: أي شيء أحب إليك؟

قال: يرد الله إلي بصري فأبصر به الناس، قال: فمسحه فرد الله إليه بصره.

قال: فأي المال أحب إليك؟

قال: الغنم فأعطاه شاة والدا، فأنتج هذان وولد هذا، فكان لهذا واد من الإبل، ولهذا واد من البقر، ولهذا واد من الغنم.

ثم إنه أتى الأبرص في صورته وهيئته فقال: رجل مسكين تقطعت بي الحبال في سفري، فلا بلاغ اليوم إلا بالله ثم بك، أسألك بالذي أعطاك اللون الحسن، والجلد الحسن، والمال , بعيرا أتبلغ عليه في سفري.

فقال له: إن الحقوق كثيرة، فقال له: كأني أعرفك، ألم تكن أبرص يقذرك الناس، فقيرا فأعطاك الله عز وجل.

فقال : إنما ورثت هذا المال كابرا عن كابر، فقال: إن كنت كاذبا فصيرك الله إلى ما كنت.

وأتى الأقرع في صورته وهيئته فقال له مثل ما قال لهذا، فرد عليه مثل ما رد عليه هذا، فقال: إن كنت كاذبا فصيرك الله إلى ما كنت.

وأتى الأعمى في صورته وهيئته ، فقال: رجل مسكين وابن سبيل، وتقطعت بي الحبال في سفري، فلا بلاغ اليوم إلا بالله ثم بك، أسألك بالذي ردَّ عليك بصرك، شاة أتبلغ بها في سفري، فقال: قد كنت أعمى فرد الله إلي بصري، وفقيرا فقد أغناني، فخذ ما شئت فوالله لا أجهدك اليوم بشيء أخذته لله عز وجل).
.
ضعَّف أبو جعفر محمد بن عمرو العقيلي , وهو عالم ثقة جليل القدر عالم بالحديث مقدم في الحفظ عددا من أحاديث صحيح البخاري. وعلى سبيل المثال حديث همام بن يحيى في الأبرص. وقد رواه العقيلي في كتابه "الضعفاء" صفحة 369 جزء 4 , من طريق شيخه البخاري، ثم ضعّفه واعتبره من كلام عبيد بن عمير. هذا رغم اتفاق البخاري (3|1276 #3277) ومسلم (4|2275 #2963) على تصحيحه.
.
وسبب تضعيف العقيلي للحديث هو أن هماماً بن يحيي هذا ضعيف الحفظ ثقة في كتابه. كذا نص الساجي وأبو حاتم ويزيد بن زريع. بل نقل عفان عن هماماً إقراره بذلك. فكأن العقيلي يميل إلى أن هماماً قد حدث بهذا الحديث من حفظه. وليس الحديث عند أحمد، مما يدل على تضعيفه له، بل ليس عند أصحاب السنن. والحديث قد رواه البخاري ومسلم من طريق همام بن يحيي ، عن إسحاق، عن ابن أبي عمرة، عن أبي هريرة مرفوعاً. لكن العقيلي رواه أولاً عن إسحاق موقوفاً عليه من قوله، ثم رواه بإسنادٍ صحيحٍ إلى عبيد بن عمير موقوفاً على قوله.
.
ولقد روى الحديث من طريقين بلفظين مختلفين عن همام بن يحيي بنفس الإسناد السابق:ـ 
اللفظ الأول: بَدَا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَبْتَلِيَهُمْ [ رواية عبدالله بن رجاء ] رواها البخاري في صحيحه.
اللفظ الثاني: أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَبْتَلِيَهُمْ [رواية عمرو بن عاصم رواية شيبان بن فروخ] الأولى عند البخاري والثانية عند مسلم. 
.
وسواء "بدا لله عز وجل أن يبتليهم" أو "أراد الله أن يبتليهم" فكلمة (يبتليهم) تعني هنا ( أن يختبرهم ) فالفظين لا يستقيمان في حق الله الذي وسع علمه كل شيء ( يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور) سورة غافر آيه 19
.
وأخيرا هذا الحديث مردود لأنه لا يتفق مع الضابط القرآني ومعارضا له بل مسف بالذات الإلهية والعياذ بالله , ويجعل الله في جاجة إلي إختبار عبده الذي خلقه فيرسل لهؤلاء الثلاثة "الأبرص والأعمي والأقرع" ملكا يطرح أسئلة عليهم ويتلقي أجوبة .. إلي آخر الحديث , وقطعا هذا الحديث لم يقله النبي صلي الله عليه وسلم لأنه الأعلم بصفات الله عز وجل.