بحث داخل الموقع

يناير 07، 2016

مآسي الخلافة كنظام للحكم - الباب الثاني الخلافة العباسية .. الفصل الحادي عشر: خلافة المعتز بالله بن المتوكل



ما زلنا في مسلسل قتل الخلفاء بسبب الصراع علي السلطة أو بسبب التدهور الإقتصادي وعدم قدرة الخلفاء علي دفع رواتب الجند والأعوان , الأمر الذي يؤكد
فساد ومآسي الخلافة كنظام للحكم , وسيري القاريء الكريم كيف قتل الخليفة الآتي ذكره هو وأخيه ولي العهد علي يد الأتراك الذين تغلغوا في مفاصل الدولة منذ عهد المعتصم الذي إستعان بهم وذلك للحد من المنافسة الشديدة بين العرب والفرس في الجيش والحكومة. 

دراسة تحليلية من كتاب "مآسي الخلافة كنظام للحكم" لمؤلفه الكاتب المفكر عبد المنعم الخن - (الباب الثاني - الخلافة العباسية الفصل الثالث عشر/ خلافة المعتز بالله بن المتوكل - الخليفة العباسي الثالث عشر 

من هو الخليفة العباسي المعتز بالله؟... 
هو أبو عبد الله المعتز بن المتوكل بن المعتصم بن الرشيد واختلف في اسم المعتز، فقيل محمد، وقيل الزبير، ويكنى أبا عبد الله، وقيل كنيته غير ذلك , وأمه أم ولد (أي كانت جارية ولما أنجبت أعتقت وتم إطلاق إصطلاح أم ولد عليها وعلي أمثالها ولا يشترط أن يكون ولد واحد أو عدد من الأولاد) هي قبيحة الرومية, ولد المعتز سنة 231هـ. وبويع بالخلافة بعد خلع المستعين بالله وقتله في 4 محرم سنة 252هـ وهو الخليفة العباسي الثالث عشر وكان عمره ولي الخلافة تسعة عشر عاما.
كان بديع الحسن . فطنًا حاد الذكاء، جيد القريحة، ونشأ محبًا للآداب واللغة والشعر والبلاغة، وحذق القرآن من صغره , 

قال ابو الحسن المسعودي في كتاب (التنبيه والاشراف): كان أبيض الوجه أسود الشعر حسن العينين لم ير في الخلفاء مثله جمالاً.

وقال ابن كثير في كتاب (البداية والنهاية): أثنى عليه الإمام أحمد في جودة ذهنه، وحسن فهمه وأدبه.

وقال علي ابن حرب الإمام المحدث الثقة الأديب :ما رأيت خلفة احسن منه، وهو أول من احدث اي اوجد الركوب بحلية الذهب وكان الخلفاء يركبون بالحلية الخفيفة الفضه.

توليه الخلافة:
تولى الخلافة في يوم الخميس 4 محرم 252ه الموافق 25/1/866م, بعد ان تنازل الخليفة المستعين وقتله, وكان عمره 19 عاما, وقام بتعيين اخيه "ابراهيم المؤيد" وليا لعهده وواليه على الشام, وقام المعتز بتعيين أخيه الآخر الموفق طلحة وزيرا له وتوّجه بتاج من ذهب , ثم دخل "الموفق طلحة" وجيشه الى سامراء منتصرا, فلقي استقبالا عظيما

.خلاف المعتز مع اخوته:
حصل خلاف بين الخليفة المعتز واخيه ولي العهد ووالي الشام ابراهيم المؤيد واخيه الوزير الموفق طلحة فامر المعتز بحبسهما, وكانت المدة بين دخول الموفق الى سامراء وبين حبسه 6 اشهر و3 ايام, حيث وصله ان المؤيد يدبر عليه فحبس المؤيد والموفق, فمات المؤيد, واصبح اسماعيل بن المتوكل هو ولي العهد.

خلع المعتز بالله:
بعد ان قام الخليفة المعتز باضعاف رؤوس الجند والتحكم بالجيش, حيث كان صراع بين "صالح بن وصيف" و"محمد بن بغا" وقام المعتز باستغلال ذلك والتحكم بالامور ومناصرة الطرفين فاضعفهما, وبدأ يبعد الاتراك ويحل محلهم المغاربة والفراغنة, شعر الاتراك بالخطر, وتصالح صالح بن وصيف وموسى بن بغا, واتفق عليه الجنود وطالبوه برواتبهم فلم يعطهم لأنه لم يكن لديه مال , فبعث الي امه "قبيحه" زوجه المتوكل ليسألها بعض المال فلم تعطيه بخلا منها ولأنها كانت تعلم بنيه الاتراك في الخلاص من ابنها وعلمت بنهايته سواء ارسلت المال ام لا وبالفعل عذب الاتراك الخليفة المعتز حتي تنازل عن الولاية للمهتدي بن الواثق في 27 رجب 255ه الموافق 11/7/869م, وعندما حضر محمد المهتدي عانقه وحاول الاصلاح لكن المعتز لم يرد العودة للملك بشرط الامان.

لكن الأتراك بسبب عدم حصولهم علي المال فقد أخذوا المعتز إلي الصحراء وعذبوه كثيرا ثم أطاحوا برأسه , وقاموا بجلد اخيه المؤيد وخلعه من ولاية العهد فمات من الجلد.

وهكذا إتسم نظام الخلافة بالصراعات التي أدت إلي سجن وقتل كثير من الخلق ولم يكن أحدا يأبه بصلة الأرحام أو بذوي القربي فالكل أعداء وخصوم طالما النتيجة هي الوثوب علي كرسي الخلافة أو كرسي الولاية أو الحصول علي المال.

.وفاة المعتز:
هناك روايات أخري غير ما ذكرته من قبل في شأن قتل المعتز وكلها تحكي كيفية قتل الخليفة المعتز بالله بن المتوكل منها: أن الأتراك طلبوا أرزاقهم، فلم يكن عند المعتز مال يعطيهم، فنزلوا معه إلى خمسين ألف دينار فأرسل المعتز يسأل أمه قبيحة أن ترسل له المال ، فقالت: ما عندي شيء. فاتفق الأتراك والمغاربة والفراعنة، على خلع المعتز، فصاروا إلى بابه، فقالوا: اخرج إلينا، فقال: قد شربت أمس دواء ، فإن كان لا بد من الاجتماع، فليدخل بعضكم إليّ ، فدخل إليه جماعة منهم، فجروا المعتز برجله إلى باب الحجرة وضربوه بالدبابيس، وخرقوا قميصه، وأقاموه في الشمس، فكان يرفع رجلا ويضع أخرى لشدة الحر، وبقي بعضهم يلطمه وهو يتقي بيده، وأدخلوه حجرة، وأحضروا ابن "أبي الشوارب القاضي" وجماعة، فأشهدوهم على خلعه، ثم سلموا المعتز إلى من يعذبه، ومنعوه الطعام والشراب ثلاثة أيام، ثم أدخلوه سرداباً، ووضعوا الحرس عليه، فمات ودفنوه بسامراء مع المنتصر.

هناك رواية ثالثة, وهي أن قتله كان علي يد الجنود الأتراك بسبب قيام المعتز بقتل قادتهم , وكذلك بسبب محاولته أن يحل محلهم المغاربة والفراعنة , حيث لما علموا أنه لم يبق له شيء من مال أو جنود أدخلوه حماما وسدوا عليه أبوابه حتي مات.

علي العموم أيا كانت رواية مقتله فقد مات رحمه الله وكانت وفاته في 2 شعبان 255هـ الموافق 16/7/869م , وكانت خلافته ، أربع سنين وسبعة أشهر إلا سبعة أيام، وكان عمره أربعاً وعشرين سنة، وثلاثة وعشرين يوماً , ودفن بسامراء مع أخيه المنتصر الذي مات مقتولا أيضا.

المراجع:
ابن كثير في كتاب (البداية والنهاية)
ابو الحسن المسعودي في كتاب (التنبيه والاشراف)
جلال الدين السيوطي في كتاب (تاريخ الخلفاء)