بحث داخل الموقع

مارس 26، 2016

المبحث الأول من الفصل الأول من الباب الثالث "الخلافة في الأندلس سيرة الأمير عبد الرحمن بن معاوية بن هشام


ستقرأون في هذا المبحث الأول من الفصل الأول من الباب الثالث "الخلافة في الأندلس سيرة الأمير عبد الرحمن بن معاوية بن هشام والذي إستطاع الهرب من
مذبحة العباسيين وذهب إلي الأندلس حيث دخلها، وسمي بذلك عبد الرحمن الداخل  وأقام فيها خلافة أموية عظيمة ولكن لم تدم طويلا .. تابعونا
.
دراسة تحليلية من كتاب "مآسي الخلافة كنظام للحكم" لمؤلفه الكاتب المفكر عبد المنعم الخن - (الباب الثالث - الخلافة الأموية في الأندلس الفصل الأول - المبحث الأول/ خلافة عبد الرحمن بن معاوية بن هشام الملقب بعد الرحمن الداخل)
من هو عبد الرحمن الداخل؟... 
هو أول خليفة حكم الأندلس وإسمه بالكامل عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان بن الحكم, وكنيته: أبو المطرف وقيل أبا زيد وقيل أبا سليمان، ويعرف بالداخل الأموي ولقب بصقر قريش, ولد بدمشق سنة 113 هـ/731 م في خلافة جده هشام بن عبد الملك، عند قرية تعرف بدير حنا، وقيل ولد بالعليا من أعمال تدمر وكانت أمه سبية بربرية من قبيلة نفزة اسمها راح  أو رداح, توفي أبوه شاباً عام 118 هـ في خلافة أبيه هشام بن عبد الملك، فنشأ عبد الرحمن في بيت الخلافة الأموي بدمشق حيث كفله وإخوته جده هشام.
.
رحلته إلي الأندلس:
عندما أقام العباسيون دولتهم على أنقاض الدولة الأموية، هدفوا إلى تعقب الأمويين والقضاء عليهم خشية أن يحاولوا استرداد ملكهم، فقتلوا بعضهم مما جعل الباقين منهم يستترون. حينئذ، أظهر العباسيون الندم على ما كان منهم، وأشاعوا أنهم أمّنوا من بقي من الأمويين حتى اجتمع منهم بضع وسبعون رجلاً منهم أخ لعبد الرحمن يدعى يحيى، فحنثوا عهد تأمينهم وقاموا بقتلهم جميعا. وحين بلغ عبد الرحمن بن معاوية ذلك، هرب من منزله بدير حنا من أعمال قنسرين،  وأوصى بأن يتبع بولده سليمان وأختيه أم الأصبغ وأمة الرحمن. حتى بلغ قرية على الفرات، اختبأ بها. وذات يوم، اشتكى فيه عبد الرحمن الرمد، فلزم ظلمة داره، وإذا بابنه سليمان وهو ابن أربع سنين يدخل عليه فزعًا باكيًا، فتوجس عبد الرحمن وإذا برايات العباسيين في القرية، ودخل عليه أخ له صغير يخبره الخبر. فعمد عبد الرحمن إلى دنانير تناولها، ثم أعلم أختيه بمتوجهه، وفر هو وأخيه. إلا أن عبدا من عبيده وشي به، فتعقبته فرسان العباسيين، فلم يجدا أمامهما مهربًا إلا عبور النهر. وإذ هما في نصف النهر، أغرتهما الشرطة أن يرجعا ولهما الأمان، فرجع أخوه خشية الغرق، وغرر به فقتله العباسيون، وكان عمر أخيه ثلاث عشرة سنة، بينما نجح عبد الرحمن بالوصول إلى الضفة الأخرى. ثم أرسلت إليه أخته "أم الأصبغ" خادمه بدر وخادمها سالمًا بمال وشيء من الجواهر، فتوجه عبد الرحمن هو وبدر وسالم صوب إفريقية. 
.
فراره إلى المغرب 
استغل عبد الرحمن بن حبيب الفهري والي إفريقية سقوط الدولة الأموية ليستقل بحكم إفريقية. خشي الفهري ظهور الأمويين الفارّين من المشرق على ولايته، فتتبعهم بالقتل، فقَتَل منهم ابنين للوليد بن يزيد الخليفة الذي قتله إبن عمه في زمن الخلافة الأموية في الشام. لذا، ظل عبد الرحمن يتنقل من مكان إلى مكان خمس سنين، بدءًا من نزوله على أخواله بني نفزة، وهم من بربر طرابلس بليبيا، ثم نزل على مكناسة وقيل مغيلة، حيث آواه أبو قرّة وانسوس المغيلي، لحمايته من متعقبيه. ثم منها إلى قوم من زناتة منازلهم قرب البحر في سبتة.
 .
وفي عام 136هـ، أرسل مولاه أي خادمه بدرًا إلى موالي بني أمية في الأندلس يطلب عضضهم والتمهيد لدخوله الأندلس. فعرض بدر رسالة عبد الرحمن على أبي عثمان عبيد الله بن عثمان وعبد الله بن خالد وأبي الحجاج يوسف بن بخت زعماء موالي بني أمية في الأندلس، فأجابوه. وعرضوا الأمر على الصميل بن حاتم وكان من زعماء المضرية، غير أن الصميل خشي علي نفوذه من مجيء عبد الرحمن، فاستقر على ألا يجيبه. كان الأندلس حينئذ يغلي بسبب النزاعات المتواصلة بين القبائل المضرية واليمانية، فوافقت دعوة عبد الرحمن رغبة اليمانية المدفوعين بالرغبة في الثأر لهزيمتهم أمام الفهرية والقيسية في موقعة شقندة، فاحتشدوا لنصرة عبد الرحمن. ثم أرسل زعماء الموالي مركبًا تعبر وتأتي به إلى الأندلس، فوصل إلى ثغر المنكب في ربيع الثاني سنة 138 هـ. 
.
دخوله الأندلس 
بعد أن دخل عبد الرحمن الأندلس أتاه أبو عثمان وعبد الله بن خالد، وسارا به إلى حصن طرش منزل أبي عثمان التي أصبحت مركزًا لتجمع أنصاره. بلغ الخبر يوسف الفهري الذي ولاه العباسيون بوصول عبد الرحمن وتجمع الناس حوله، وعدم قدره عامله على إلبيرة على تفريقهم.  فنصح الصمّيل يوسف بوجوب التوجه فورًا لملاقاة عبد الرحمن، فجمع يوسف جيشه. علم عبد الرحمن بمسير جيش يوسف، فتحرك بجيشه وأخضع كافة المدن في طريقه حتى إشبيلية التي استولى عليها وبايعه أهلها، فتجمع له ثلاثة آلاف مقاتل.  
.
ثم حاول مباغتة يوسف الفهري، ومهاجمة قرطبة ليستولي عليها، والتقيا في موضع يبعد عن قرطبة نحو 45 ميلاً لا يفصلهما إلا النهر. حاول يوسف أن يغري عبد الرحمن لينصرف بجنده، بأن وعده بالمال وبأن يزوجه من إحدى بناته. إلا أن عبد الرحمن رفض، وأسر خالد بن يزيد أحد رسل يوسف، لإغلاظه له القول. وفي الليل، حاول عبد الرحمن أن يسبق بجنده جيش يوسف خلسة إلى قرطبة. علم بذاك يوسف فسار الجيشان بمحاذاة النهر صوب قرطبة، إلى أن انحسر الماء عند المصارة يوم الأضحى العاشر من ذي الحجة لعام 138هـ، فعبر جيش عبد الرحمن ودارت المعركة التي انتهت بنصر عبد الرحمن. خلال المعركة أشيع بين الجنود أن عبد الرحمن يركب جوادًا سريعًا للفرار به وقت الهزيمة. فلما بلغ عبد الرحمن هذا الكلام ترك فرسه في الحال وقال: "إن فرسي قلق لا يتمكن معه الرمي!"، ثم ركب بغلاً ضعيفًا كي يقنع جنوده بأنه لن يولي ظهره للأعداء.  بعد انتصاره، دخل عبد الرحمن إلى قرطبة، وأدى الصلاة في مسجدها الجامع حيث بايعه أهلها على الطاعة. 
.
المراجع:
ابن كثيرفي كتابه (البداية والنهاية)  
تاريخ ابن خلدون.
أبو عبد الله شمس الدين الذهب في كتابه (تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام)
ابن القوطية، أبو بكر محمد بن عمر (1989). تاريخ افتتاح الأندلس. دار الكتاب المصري، القاهرة.
ابن حزم، علي (طبعة 1982). جمهرة أنساب العرب. دار المعارف، القاهرة.  
المقري، أبو العباس أحمد بن محمد بن أحمد (طبعة 1988). نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب - المجلد الأول والثالث. دار صادر، بيروت.