الحديث الذي رواه أبو هريرة ( يَقْطَعُ الصَّلاَةَ الْمَرْأَةُ وَالْحِمَارُ وَالْكَلْبُ ، وَيَقِي ذَلِكَ مِثْلُ مُؤْخِرَةِ الرَّحْلِ ) دونه مسلم في صحيحه برقم (511)
هذا الحديث لا يلزم ومفتري به علي نبي الإسلام صلي الله عليه وسلم من عدة وجوه:
- سنده ضعيف فقد رواه أبو هريرة وهو معروف عنه بتحامله علي النساء وهذا واضح من رواياته.
- أغلب الأممة قالوا أن الصلاة لا يقطعها شيء.
- يعارض ويخالف الأحاديث الصحيحة الصريحة في أن الصلاة لا يقطعها شيء من ذلك كحديث عائشة رضي الله عنها "كان النبي يصلي صلاته من الليل كلها وأنا معترضة بينه وبين القبلة , فإذا أراد أن يوتر أيقظني فأوترت" , وحديث ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها "كان فراشي حيال مصلي النبي فربما وقع ثوبه علي وأنا علي فراشي" , وكذا حديث إبن عباس في مروره بين يدي بعض الصف والنبي يصلي بالناس , فلم ينكرعليه أحد ذلك.
وإذا سمعنا وعقلنا نجد أن ثمة أمور غريبة بشأن هذا الحديث:
- متن الحديث (نصه) تضمن ألفاظا غريبة ويتصف بالشذوذ والنكارة , وبذلك هو غير مطابق لشروط صحة الحديث وأولها ألا يكون ألفاظ الحديث غريبة أوشاذة.
- كيف أن مرور المرأة أمام المصلي يبطل صلاته ونومها لا يبطلها؟ , ضعوا هذا الكلام أو الظلام علي الضابط العقلي لتتبينوا غرابته وفساده.
- إذا سلمنا جدلا أن الحمار والكلب يقطعان الصلاة وذلك بسبب الخوف منهما حين السجود , فما بال المرأة أقحمت بينهما , وقد أنكرت ذلك عائشة علي أبي هريرة إذ قالت "شبهتمونا بالحمر والكلاب". ضعوا هذا الكلام علي الضابط الأخلاقي لتتبينوا زيف وإفتراء هذا الكلام والذي نسبوه إلي النبي ذي الأخلاق العظيمة.
- كيف يروي عن النبي مثل هكذا حديث وهو من أوصي بالنساء خيرا , ألم يكن للنبي 4 بنات من ذريته ومنهن فاطمة التي قال عنها النبي (فاطمة بضعة مني)؟ ألم تكن خديجه بنت خويلد من النساء اللواتي آمنّ به وتزوجته وصدقته في بداية دعوته , وكانت بالنسبة له كل شيء والتي انتفع منها الإسلام فلم تكن على هامش الدعوة الإسلامية، بل كانت تعيش كل لحظاتها , ألم تكن من النساء؟؟, ألم تكن عائشة أم المؤمنين زوجة رسول الله وحبيبته التي أحبها حبا جما من النساء؟ ألم تكن زوجاته الآخريات من النساء الفضليات ؟ ألم تكن أمه السيدة الفاضلة آمنة بنت وهب بن عبد مناف من النساء؟ , ألم تكن مرضعته حليمة السعدية التي أرضعته بعد وفاة أمه من النساء؟ , أليس الرسول هو من دعي ربه للصاحبية الجليلة نسيبة بنت كعب أم عمارة التي دافعت عنه هي وولديها وزوجها يوم أحد وتلقت عنه الطعنات حتي أصيبت بأثني عشرة جرحا في أنحاء جسدها , ألم يدعو لها برفقته في الجنة؟ “اللهم اجعلهم رفقائي في الجنة” هذا قليل من كثير في شأن أثر النساء في حياة الرسول صلي الله عليه وسلم , فكيف بالله عليكم نصدق هذا الأفك والكذب البواح التي أمتلأت بها كتب التراث وكيف نصدق أن النبي الذي وصفه ربه (وأنك لعلي خلق عظيم) آية 4 من سورة القلم , يضع المرأة مع الحمار والكلب في سياق واحد بل يجعلها في أول الترتيب بعد الحمار والكلب.
- الأصل أن ما يجب للذكور يجب للإناث ، وما يجوز للذكور يجوز للإناث ولا يفرق بينهما إلا بنص , ولهذا القرآن الكريم يخاطب المرأة كما يخاطب الرجل والنصوص على هذا كثيرة كقوله سبحانه: ( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) النحل /97 , وكقوله تعالى : ( إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ) الأحزاب/35.
وأعتقد أن في هذا أكثر من دليل علي كذب وإفتراء إسناد هذا الحديث للنبي من قبل كتب التراث التي دونته وأولها كتاب صحيح مسلم وأخرون , والغريب أنها دونته وانبرت في الدفاع عن صحته , وحسبي الله ونعم الوكيل.