إذا قرأت في كتاب ( الموافقات كتاب أبي إسحاق الشاطبي في مقاصد الشريعة ) ستجد أن مقاصد الشريعة هي الخير والإحسان لبني البشر جميعا , وأنا أقول أن الخروج
عن هذه المقاصد هو خروج عن الشريعة أو هو إغفال البعض عن السير بشريعة الله السمحاء الذي فطر الإنسان عليها وخلق فيه القلب الذي يحب والعقل الذي يفكر والضمير الذي يحاسب . وأني أري أن الخروج عن شريعة أو شرع الله هو إثم يأثم به كل خارج عن هذا الإطار , ومحبة الناس للناس ومبادلة الحب بحب والخير بخير بين كل طرف هي أعظم مقصد من مقاصد الشريعة كما أنها أعظم الفضائل.
.
الناس جميعا هم خلق الله وقبل نزول الأديان السماوية كان الناس أخوة من أب هو آدم وأم هي حواء ومهما طويت الأزمان ومضيت لا ينبغ أن ننسي أو نتناسي هذه الحقيقة المطلقة , ولقد أنزل الله سبحانه وتعالي الكتب السماوية للتأكيد علي هذا المعني وهو التآخي والحب بين الناس.
وهذه هي المباديء الأخلاقية التي أكدت وتواضعت وتطابقت عليها الكتب السماوية الثلاثة (راجع كتاب العقيدة والأخلاق في فكر الدكتور محمد عبد الله دراز تأليف صديقي المرحوم
أبو بكر سعد عبد الراضي القشيري رحمه الله.
.
وطالما أمرنا المولي عز وجل بإتباع شريعته فينبغي علينا الإستمساك بمقاصد الشريعة عملا لا قولا وعندها فسوف نحيا حياة طيبة وسوف تختفي الكراهية ويسود الحب والإحترام بين كافة الناس.
.
ولقد أمرنا بالإعتراف والإحترام لكافة أديان رب العالمين , ومن أجل ذلك يجب أن تسود المحبة والتآخي بين كل ذي صاحب دين وأستعين بالآيات الكريمات الآتية من القرآن الكريم ومن سنة رسول الله محمد صلي الله عليه وسلم , وكذلك من الكتاب المقدس لتأكيد وتوكيد هذا المعني الجليل:
.
( لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون ) سورة المائدة - الآية 82
.
{ ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم } فصلت 34
.
وقوله تعالى: (أدع إلي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين ) سورة النحل - الآية 125
.
قال ابن إسحاق: وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد نصارى نجران بالمدينة فحدثني محمد بن جعفر بن الزبير قال لما قدم وفد نجران على رسول الله صلى الله عليه وسلم دخلوا عليه مسجده بعد صلاة العصر وقدموا إليه هداياهم فقبلها صلي الله عليه وسلم ,ولما حانت صلاتهم فقاموا يصلون في المسجد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((دعوهم)) فاستقبلوا المشرق فصلوا صلاتهم.
.
وقف رسول الله صلي الله عليه وسلم لجنازة مارة فقال له أحد أصحابه: أنها جنازة يهودي فرد النبي عليه وقال: أليست نفسا؟
.
وهذه قصة من قصص الوعاظ التي إنتشرت بين الناس إلي اليوم من أن يهوديا كان جارا للرسول صلي الله عليه وسلم ويضع القمامة والشوك في طريقه , وعندما مرت بعض أيام لم يضع اليهودي هذه القمامة وتلك الأشواك قام الرسول ذو الخلق العظيم بزيارة اليهودي للسؤال عنه بعد أن علم أنه مريض , علي العموم هذه قصة يرويها الوعاظ والزهاد من غير أصل ولا إسناد ، ولا بأس في ذلك طالما تصب في تبيان أخلاق الرسول وسماحته وهي أعظم سننه صلي الله عليه وسلم والتي ينبغي علي كل مسلم أن يتبعها لينال الجزاء الأوفي.
.
ومن الكتاب المقدس الإنجيل :
(لكني أقول لكم أيها السامعون أحبوا أعداءكم أحسنوا إلي مبغضيكم) (إنجيل لوقا 6: 27)
.
(باركوا لاعنيكم وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم) (إنجيل لوقا 6: 28)
.
(وإن أحببتم الذين يحبونكم فأي فضل لكم؟ فإن الخطاة أيضا يحبون الذين يحبونهم). (إنجيل لوقا 6: 32)